عثمان ميرغني يكتب .. برنامج العملية السياسية..

عثمان ميرغني يكتب برنامج العملية السياسية..

حسناً؛ إذا سارت الأحوال كما هو مخطط لها حسب العملية السياسية الراهنة، فإن يوم السبت الأول من إبريل 2023 سيشهد حفل توقيع الاتفاق النهائي، غالباً – وبكل أسف- هي لحظة إشهار نصر مقابل هزيمة في الوسط السياسي، فالحسابات لا تقوم على أساس الوطن، بل الحزب أو الشخص أو الجهة أو البعض.

حفل التوقيع ينتهي و ترتد أصداؤه قليلاً في الإعلام الداخلي والخارجي، ثم يأتي ميقات آخر بعده بقليل، يوم الخميس 6 إبريل 2023، و يوافق ذكرى عزيزة، جمع بين ثورتين الفاصل الزمني بينهما 34 سنة كاملة، فيعلن الدستور الانتقالي ويوقع عليه في حفل بهيج آخر، فيه أيضاً فائزون وخاسرون، فالحساب السياسي ولد لا وطن.

وتنتهي الزفة والفرحة مع آخر رنة إعلامية ثم يحبس الجميع أنفاسهم في انتظار “أم التواريخ” يوم الثلاثاء 11 إبريل 2023، وهو أيضاً يوافق كرى عظيمة، عندما عزفت المارشات العسكرية و أذيع البيان رقم واحد ومختصره في (تم التحفظ على رأس النظام) وهي عبارة خجولة “شديد” تعني أن الشعب انتصر وحائط السجن انكسر والقيود إنسدلت جدلة عرس في الأيادي..

في هذا اليوم، تعلن هياكل الحكومة الانتقالية الجديدة، والمفهوم إنها ستبدأ باشهار اسم رئيس الوزراء، الشخص الذي سيحمل على كتفيه أثقال ما تبقى من عمر الانتقالية، والأهم من ذلك أنه يعني عملياً انتهاء الفترة الانقلابية وبداية استعادة الفترة الانتقالية، ويعني أن السلطة العسكرية ستغادر القصر الجمهوري والمشهد السياسي ويصبح الساسة أمام أنفسهم وشعبهم.. بلا أعذار..

وللأسف، في جدول المواقيت ليس هناك أكثر من هذا، فالخطوة الأخيرة ليست واضحة، لأنها لم تحدد متى تستكمل بقية الهياكل، أسماء الوزراء، والمجلس التشريعي ، والمفوضيات ، ومجلس القضاء العالي، ومجلس النيابة، والمحكمة الدستورية.. فالتواقيت لم تذكر سوى عبارة (هياكل الحكومة الانتقالية) وقد يمنح هذا التعميم فرصة مط الجدول – بالطريقة المعروفة- حيثي يستمر إعلان الهياكل شهوراً وربما لا تكتمل.. خاصة المجلس التشريعي الذي عليه المحك في إكمال الفترة الانتقالية بإحكام التشريعات المطلوبة خاصة قانون الانتخابات ..

هذا الجدول الزمني رغم إنه في المدى الذي يحتمل مزيداً من الصبر، في شهر الصبر رمضان، ولكنه محفوف بكثير من هواجس التربص والاحتمالات في ظل قصور القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري والذي سينعكس غالباً – إن لم ترشد الأطراف – على الاتفاق النهائي.. فوجود قوى مقدرة مثل الكتلة الديومقراطية خارج العملية يزيد من تحدياتها ويرفع منسوب “الغرق” المفضي لموت العملية السياسية برمتها..

مع كل هذه الاحتمالات الموجفة، في تقديري من الحكمة أن يستلهم الأطراف روح رمضان شهر القرءان، الذي شهد أعظم فتوحات الإسلام، لماذا لا يكون شهراً فيه يغاث الناس وفيه يعصرون اتفاقاً سياسياً واسعاً يحمل الجميع في مركب واحدة من أجل وطن واحد..

من الحكمة أن يبرز من ثنايا المشهد السياسي صوت عقل يجمع الحكمة و يمنح السودان فرصة التمتع بعقول بناته وأبنائه..

رمضان كريم..

مقالات ذات صلة