اشتباكات عنيفة في أجزاء متفرقة من الخرطوم وولايات أخرى في كردفان ودارفور

تواصلت المعارك في السودان، الجمعة، بين الجيش وقوات «الدعم السريع» إذ شهدت أجزاء متفرقة من العاصمة الخرطوم وولايات أخرى في كردفان ودارفور، اشتباكات عنيفة مع سماع دوي انفجارات قصف مدفعي وتحليق مستمر لطيران الاستطلاع التابع للجيش.
وقال شهود عيان إن الجيش نفذ غارات جوية على تجمعات للدعم في منطقة العليفون في الريف الجنوبي الشرقي للخرطوم، ومناطق أخرى في أحياء الطائف والرياض شرق الخرطوم، في وقت أطلقت فيه قوات الدعم المضادات الأرضية.
كذلك تجدد القتال في السوق العربي وسط الخرطوم، وجنوبا في محيط معسكر المدرعات، حيث شهد حي العشرة شرق المعسكر، اشتباكات برية تزامنا مع قصف للطيران الحربي والمدفعية التابعة للجيش على ارتكازات لقوات الدعم في العشرة وأحياء النزهة وغزة.

تواصل معارك أمدرمان

أما في أمدرمان، فقد تواصلت المعارك المتقطعة في حي المسالمة وسط المدينة، مع تساقط قذائف المدفعية المنطلقة من مناطق تمركز الجيش في قاعدة كرري شمال أمدرمان.

وأفاد شهود عيان لـ «القدس العربي» بأن قوات الدعم حشدت مزيداً من القوات في حي ودنوباوي، بينما أوصل الجيش تعزيزات عسكرية ضمت دبابات ومزيدا من الجنود إلى حي العمدة. ومن المتوقع أن تشهد منطقة أمدرمان القديمة معارك ضارية خلال الساعات المقبلة.
وتداول ناشطون موالون لـ «الدعم» مقطعا مصورا يوثق لحظات إعدام جنود أسرى يتبعون للجيش في أمدرمان. ويظهر الأسرى وهم محاطون بأفراد الدعم الذين أطلقوا عليهم النار مباشرة عقب سؤالهم عن أصولهم الجهوية.
وفي سياق متصل، نعى تجمع الصيادلة السودانيين، وفاة الصيدلاني عبد الرحمن أحمد الذي قتل برصاص «الدعم» مع آخرين في قرية النوبة في ولاية الجزيرة بعد اعتراضهم على عمليات نهب كانت تقوم بها تلك القوات.
وفي شمال كردفان، قال إعلام الجيش إن «قوات المهام الخاصة في الفرقة الخامسة مشاة – الهجانة ـ في مدينة الأبيض هاجمت الميليشيا المتمردة في منطقة فرج الله، حيث قتل 26 متمردا وسقط عدد كبير من الجرحى دون خسائر في صفوف قواتنا المسلحة».

إلى ذلك، أعلن رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة الناطقة باسم الجيش، العقيد إبراهيم الحوري، إن مدينة زالنجي في ولاية وسط دارفور، أصبحت خالية من «الدعم».
وتحدث في تدوينة على صفحته في «فيسبوك» عن «خسائر فادحة في الأرواح والعتاد في صفوف العدو بلغت (37 ) قتيلا وعددا من الجرحى لم يتم حصرهم و 23) أسيراً».
وأفادت هيئة محامي دارفور بتجدد الاشتباكات في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، وسقوط ما لا يقل عن خمسة أشخاص من بينهم (طفلان) على الأقل والعديد من الإصابات المتفاوتة.
وقال المحامون في بيان أمس إن «مدينة نيالا شهدت سقوط العديد من الدانات( قذائف) من جراء القصف المتبادل بين الجيش وقوات الدعم السريع وسقطت عدة دانات على أحياء حي الوادي شرق وكرري شرق المقابر وحي أبوجا، كما استشهد من جراء الدانات الشاب عمر الشفيع وأصيبت والدته وشقيقه الأصغر، وأصيبت أسرة شاع الدين بإصابات متفاوتة واستشهدت امرأة وشاب في المستشفى التركي».

القوات المسلحة أعلنت زالنجي وسط دارفور «خالية» من قوات «حميدتي»

ودعا البيان للوقف الفوري للحرب العبثية الدائرة وتجنيب البلاد المزيد من ازهاق الأرواح وتدمير البلاد.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، يخوض الجيش والدعم السريع اشتباكات عنيفة خلفت أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، ونحو 3 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.
وفي السياق، أصدر رئيس مجلس السيادة الإنتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن، قراراً بتولي النائب العام لجمهورية السودان المكلف، رئاسة لجنة جرائم الحرب وانتهاكات وممارسات قوات الدعم السريع.
وسبق أن شكل البرهان لجنة جرائم الحرب وضمت ممثلين من النيابة ووزارتي الخارجية والعدل بالإضافة للجيش والشرطة وجهاز المخابرات والمفوضية القومية لحقوق الإنسان.
وتمثلت مهام اللجنة في حصر كافة الإنتهاكات والجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع المتمردة وفق تعبيره منذ (15) أبريل/ نيسان الماضي.
كما كُلفت اللجنة باتخاذ كافة الإجراءات القانونية في مواجهة قيادات وأفراد القوات الدعم السريع داخلياً وخارجياً وكل من يثبت تورطه بالإشتراك أو التحريض أو المعاونة.

ومن ناحية أخرى، اختفت بصورة مفاجئة الصفحات الرسمية لقوات الدعم السريع وقائدها محمد حمدان دقلو المعروف بـ «حميدتي» على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» وسط أنباء عن إغلاقها من قبل إدارة المنصة التابعة لشركة ميتا، بعد آلاف البلاغات من السودانيين.
لكن وفقا لبيان متداول لإدارة الإعلام الإلكتروني للدعم، فإن وقف عمل الصفحة الرئيسية لقوات الدعم السريع موقت، لافتة الى أنه يجري التحقيق مع فريق فيسبوك في معالجة الصفحة وعودة الإعلام.

تصريحات «غير مسؤولة»

سياسيا، وصف القيادي في تحالف قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي – محمد الفكي سليمان، أحاديث طرفي النزاع بتدمير الآخر بغير المسؤولة، ولن تفضي إلى حلول.
وقال في إفادات لقناة «الجزيرة مباشر»: «الحديث عن أن الدعم السريع سيتم تدميره بالكامل شديد الخطورة، لأنه سيدمر المقدرات القتالية لمنظومة القوة العسكرية السودانية».
وأضاف: «الحديث عن أنه لا بد لقوة من الطرفين أن تقضي على الآخر حديث سياسي غير مسؤول ونحن بصفتنا السياسية والقيادية لهذا الوطن لن نسمح به».

واتهم «طرفا ثالثا» بإشعال الحرب، مبينا أن «الجيش والدعم السريع لم تكن لديهما الرغبة في القتال بعد أن كانت الخلافات بينهما يمكن أن تحل على طاولة التفاوض».
وأشار إلى أن «الواجب الملقى على عاتق الجيش أصبح أكبر وأكثر تعقيداً لأنه لم يعد مقتصراً على العودة للثكنات بل أن واقع الحرب يفرض عليهم القيام بعملية إعادة بناء للجيش ومؤسساته وتقويه دفاعاته».
وأوضح أن «الحرية والتغيير تعمل على مسارين: الأول المسار العسكري وإنهاء الحرب وذلك بيد الجنرالات» الذين ناشدهم بأن يتحلوا بالإرادة لوقف إطلاق النار وأن لا يستجيبوا للاستفزازات، وأن ينهوا هذه الحرب على طاولة التفاوض.
أما المسار الثاني، وفق الفكي، فهو المسار السياسي الذي سيتم النقاش فيه بعد وقف إطلاق النار وسكوت أصوات الرصاص وعودة المواطنين مطمئنين إلى منازلهم.
وحسب قوله، تحالف الحرية والتغيير سيناقش رؤية سياسية في اجتماع موسع في أديس أبابا يضم حلفاءهم في الاتفاق الإطاري والقوى المدنية ومجموعة واسعة ممن شاركوا في ورش قضايا الانتقال وطيفا واسعا يمثل كل السودانيين والسودانيات.
وبين أن رؤية الحرية والتغيير ستمضي في أن تتوحد من التفاوض في جدة، مؤكدا بأن تعدد المنابر يعرقل العملية التفاوضية.

في المقابل، دعا التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية بقيادة مبارك أردول وعلي عسكوري، الشباب والقادرين على حمل السلاح للتحرك والاستجابة فوراً لنداء الجيش والالتحاق بمعسكرات التدريب لنيل ما أسماه «شرف الدفاع عن الوطن والمواطن».
وكشف في بيان عن تكليف لجنة عسكرية من قدامي الضباط والعسكريين وأصحاب الخبرات الأمنية لترتيب الحشد والاستنفار طواعيا.
وأوضح أنه حزب سياسي مدني وسيظل مدنيا، ولكن عندما تصاعدت التعديات على المدنيين وبعد نداء القائد العام للجيش فإنه لا خيار لهم سوى الاستجابة للحماية الذاتية على الأقل والمساهمة مع أبناء الوطن الخلص في معارك الكرامة.
وجزم بأن لا نسعى لتشكيل حركة مسلحة أو قوات منفصلة، موضحا أن عناصره المستنفرة ستكون تحت إمرة وتعليمات وتشكيلات الجيش، وبعد انتهاء المهمة وتحقيق النصر سيخيرون بالمواصلة وفق قوانين ولوائح القوات المسلحة أو التسريح والعودة للحياة المدنية

مقالات ذات صلة