لماذا يرفض المؤتمر الوطني المفاوضات؟

منذ نشوب القتال بين الجيش والدعم السريع قبل أكثر من ستة أشهر، سارع حزب المؤتمر الوطني “المحلول” إلى إعلان دعمه للقوات المسلحة سواء بالخطاب السياسي والإعلامي أو المقاتلين الذين لم يخف بعضهم الانتماء إلى هذا الحزب الذي حكم البلاد ثلاثين عامًا.

ومنذ بداية الحرب في منتصف نيسان/أبريل الماضي ومع انطلاق المفاوضات بين الجيش والدعم السريع برعاية أميركية سعودية في “منبر جدة” عارض حزب المؤتمر الوطني “المحلول” هذه الخطوة واعتبرها استسلامًا أمام “مليشيات متمردة”.

باحث: إذا وقع الجيش والدعم السريع اتفاق وقف إطلاق النار فإن مستقبل “الوطني” سيكون غامضًا
وعلى الرغم من ذلك فإن هذا الحزب ما يزال يأمل في استعادة السلطة التي فقدها عقب الإطاحة بالرئيس المخلوع عمر البشير في 11 نيسان/أبريل 2019 عندما اعتصم مئات الآلاف من السودانيين أمام مقر القيادة العامة للجيش، وتحت ضغوط شعبية ودولية اضطر الجنرالات لإجبار البشير على التنحي.

بينما يضع قادة سياسيون وأعضاء في الحراك السلمي في السودان وقوى مدنية خارطة طريق لبناء جبهة مدنية في أديس أبابا منذ خمسة أيام، لكن بالنسبة لهذه القوى فإن وجود حزب المؤتمر الوطني خلال الفترة الانتقالية “مرفوض تمامًا”.

ولا يستبعد الباحث السياسي مصعب عبدالله محاولات إقليمية ودولية لإيجاد موطئ قدم لحزب المؤتمر الوطني “المحلول” في العملية السياسية المرتقبة بواسطة الاتحاد الأفريقي، ويرى أن هذا المقترح نوقش بقوة داخل المنظمة الأفريقية، خاصة السفير محمد ولد لباد الذي أقر بذلك عندما رد على بيان الخارجية السودانية قبل شهر ونصف.

فيما قال مصدر دبلوماسي عمل في إثيوبيا في حديث لـ”الترا سودان”، إن الاتحاد الأفريقي ورعاة إقليميين للجهود السلمية في السودان يعتقدون أن إسكات حزب المؤتمر الوطني مهم لضمان عدم تجدد الحرب وتخريب الانتقال المدني.

وأشار المصدر الدبلوماسي أن هذا المقترح غير منطقي لأن مشكلة حزب المؤتمر الوطني أنه لا يعترف بالتعددية السياسية ولا يعمل ضمن مجموعات بشكل متساو معهم، واعتاد على الهيمنة السياسية والاقتصادية والأمنية.

وكان الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الحاج وراق اتهم حزب المؤتمر الوطني “المحلول” بمحاولة جر السودانيين إلى “انتخابات صورية” من خلال بث خطاب معاداة الأحزاب السياسية، وذلك خلال كلمته التي ألقاها في الاجتماع التحضيري بأديس أبابا أمس.

بينما يقول الباحث السياسي كمال حذيفة لـ”الترا سودان” إن أزمة السودان عميقة جدًا ولا يمكن ضمان إطفاء الأزمات من خلال “إغراء الوطني” للمشاركة في العملية السياسية، لأنه حتى الآن لم يعلن مراجعته لتجربة حكمه الذي استمر ثلاثة عقود.

وقال إن المؤتمر الوطني يعارض بشدة التفاوض مع الدعم السريع في الوقت الراهن، مع الوضع في الاعتبار أن المفاوضات قد تكون مفيدة في وقت لاحق عندما يحرز الجيش تقدمًا ميدانيًا، إلى جانب قدرته على خلق خطاب سياسي، لكن في هذا الوقت حتى وإن قبلت القوى السياسية والمدنية مشاركته في العملية السياسية فإن المؤتمر الوطني لن يقبل بذلك.

وأضاف كمال: “إذا تم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار فإن مصير المؤتمر الوطني سيكون غامضًا وربما لن يكون له دورًا مؤثرًا”.

تشكل حزب المؤتمر الوطني عندما وقعت المفاصلة بين البشير وزعيم الإسلاميين الراحل حسن الترابي الذي أسس حزب المؤتمر الشعبي
وتشكل حزب المؤتمر الوطني عندما وقعت المفاصلة بين البشير وزعيم الإسلاميين الراحل حسن الترابي الذي أسس حزب المؤتمر الشعبي في العام 1999، وهو حزب يقوم على رفض الانقلابات العسكرية وأجرى حوارات مع القوى اليسارية إلى حد كبير، كما أن هذا الحزب أحد الموقعين على الاتفاق الإطاري مع القوى المدنية نهاية العام الماضي.

وينظر سياسيون إلى مشاركة المؤتمر الشعبي في الاتفاق الإطاري والاجتماع التحضيري لبناء الجبهة المدنية في أديس أبابا على أنها خطوة كبيرة ليكون الإسلاميون المعتدلون ضمن العملية السياسية والانتقال المدني.

الترا سودان

مقالات ذات صلة