نقص حاد في أدوية مرضى السرطان والكلى في السودان

حذرت اللجنة العليا للطوارئ الإنسانية والصحية في السودان من أن أكثر من 26 ألفاً من مرضى السرطان والكلى يواجهون خطراً حقيقياً بسبب عدم توفر الدواء، في وقت تضاءلت الوفرة الدوائية في البلاد إلى أقل من 40 %.

وناشدت المنظمات الدولية لضمان خروج الأدوية المنقذة للحياة، مشيرة إلى أن العقارات الطبية الخاصة بمرضى السرطان والكلى محتجزة في مدينة «ود مدني» عاصمة ولاية الجزيرة، وسط البلاد والتي سيطرت عليها قوات الدعم السريع في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وحسب المتحدث باسم الحكومة السودانية، جراهام عبد القادر، إن اللجنة عقدت أمس الإثنين اجتماعاً ناقش تداعيات الموقف الدوائي ومعاناة المواطنين الصحية جراء عدم توفر الإمداد الدوائي في أعقاب الأحداث التي شهدتها ولاية الجزيرة والمخاطر المتوقعة من فقدان الأدوية خاصة المنقذة للحياة.

وقال وزير الصحة الاتحادي المكلف هيثم محمد إبراهيم إن الاجتماع استعرض تداعيات الوضع الإنساني والصحي خلال الفترة الأخيرة خاصة الوضع الدوائي، لافتاً إلى فقدان الإمدادات الطبية لمعظم المخزون الدوائي في الجزيرة الخاص بمرضى السرطان والكلى وغيرها من الأمراض الأخرى والمشتقات والمستلزمات الطبية جراء الأحداث التي شهدتها ولاية الجزيرة.
ومنذ اندلاع الحرب السودانية منتصف أبريل/ نيسان الماضي يواجه القطاع الصحي في البلاد أوضاعاً كارثية، حيث استهدفت العمليات العسكرية وأعمال النهب المسلح المستشفيات ومخازن الدواء، في العاصمة الخرطوم والمدن التي تمددت إليها المعارك.

وفي أعقاب استيلاء الدعم السريع على «ود مدني» حذرت نقابة الأطباء السودانيين من أن اتساع رقعة الحرب وتمددها إلى عاصمة ولاية الجزيرة، يضع البلاد أمام واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في ظل الحرب الراهنة.
وبعد اندلاع الحرب في الخرطوم ومدن أخرى، أصبحت «ود مدني» ملاذاً آمناً لمرضى القلب والسرطان والكلى والحالات الطبية المستعصية، الذين يواجهون مصيراً مجهولاً بسبب إغلاق المستشفيات ونقص الدعم الصحي والموارد الطبية ونزوح الأطباء والكوادر الصحية إلى خارج المدينة.

ولفتت نقابة الأطباء إلى أن أغلب المستشفيات أصبحت خاوية وغير قادرة على تقديم الخدمات الطبية اللازمة، حيث تم احتلال مستشفى الجزيرة للطوارئ والإصابات وخرج عن الخدمة، وتم إغلاق مركز مدني لأمراض وجراحة القلب بعد أن أصبح مباشرة في مرمى نيران الاشتباكات العسكرية فضلاً عن توقف الخدمة في باقي المستشفيات التخصصية. وأضافت: «تزداد الأمور تعقيداً بإغلاق الصيدليات ونقل الأدوية التجارية خارج ود مدني».

وتحذر منظمة الصحة العالمية أن النظام الصحي في السودان قد وصل إلى نقطة الانهيار نتيجة للضغط الكبير على المرافق الصحية وانخفاض قدرتها على استيعاب الاحتياجات المتزايدة الناجمة عن تفشي الأمراض وسوء التغذية.

وكشف تقرير نشرته المنظمة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي عن أن ما يقرب من 25 مليون شخص في السودان يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة، ويحتاج 11 مليون شخص آخر إلى مساعدات صحية عاجلة، ويواجه أكثر من 20 مليون شخص مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، في حين يعاني كل طفل دون سن الخامسة في السودان من سوء التغذية الحاد.
وبين أن 70 % من المستشفيات في الولايات المتضررة توقفت عن العمل جرَّاء النزاع، بينما تعاني المستشفيات المتبقية من الإنهاك بسبب تدفق الأشخاص الذين يلتمسون الرعاية، وغالبيتهم من النازحين داخليّاً.

وحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان (أوتشا) ارتفع عدد الحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا بنسبة أكثر من 100 % خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حيث تم الإبلاغ عما يقرب من 8,300 حالة مشتبه بها وأكثر من 200 حالة وفاة، في تسع ولايات سودانية، بما يتضمن أكثر من 1,800 حالة يشتبه بإصابتها بالكوليرا في ولاية الجزيرة.

يأتي ذلك في وقت يواجه نحو 12 ألف من مرضى الفشل الكلوي خطر الموت في ظل استمرار المعارك والنقص الحاد في العلاج توقف معظم المراكز المتخصصة عن العمل. وتتوالى نداءات الاستغاثة التي تطلقها منظمات المجتمع المدني والناشطون السودانيون بسبب معاناة مرضى السرطان، والتي تفاقمت بعد تمدد المعارك إلى ولاية الجزيرة التي انتقلت إليها معظم الخدمات الصحية بعد انهيار القطاع الصحي في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور.

وفي السياق، قالت «نهر سليمان» التي تعاني والدتها من سرطان الثدي لـ«القدس العربي» إن حالتها التي كانت مستقرة إلى حد ما تدهورت على نحو مخيف بعد اندلاع الحرب، وتأثر انتظام تلقيها لجرعات العلاج الكيميائي ونقص الكوادر الطبية. واشارت إلى أن العائلة المحاصرة بسبب الحرب والتي نزحت إلى إحدى قرى الجزيرة بعد سقوط «ود مدني» قررت السفر عن طريق التهريب إلى إحدى دول الجوار لإنقاذ الوالدة».

وأضافت: «ربما نموت جميعاً في الطريق، ولكن لا يمكننا الوقوف عاجزين أمام حاجة والدتنا الملحة للعلاج والتي تزداد حالتها سوءاً يوماً بعد يوم».
وتمتد المعاناة إلى أصحاب الأمراض المزمنة، تقول «أروى كمال» التي يعاني والدها من مضاعفات مرض السكري لـ«القدس العربي» إن عائلتهم نزحت إلى بورتسودان بعد رحلة مضنية ومحفوفة بالمخاطر بحثاً عن علاج لوالدهم الذي تدهورت حالته الصحية مؤخراً.

وأشارت إلى معاناتهم المضنية في البحث عن أخصائي أوعية دموية في جميع أنحاء البلاد. وأشارت إلى أنهم لم يعثروا على أي أخصائي رغم تواصلهم مع المستشفيات والمراكز الصحية القليلة التي ما تزال تعمل في البلاد، في وقت ساق والدها مهدد بالبتر بسبب انقطاع وصول الدم إليه، بينما اضطر إلى بتر أصبعين بالفعل.

القدس العربي

مقالات ذات صلة