أقلام .. ماهر النهري .. فرنسا ودارمساليت
حرب الخامس عشر من إبريل وضحت حجم التأمر الدولي والإقليمي على السودان البلد البكر حيث الأراضي الشاسعة الغير مستغلة والمياة العذبة والموقع الجغرافي المميز إضافة إلى الموارد الأخرى كالذهب واليورانيوم والبترول وغيرها فكل ذلك جعل من السودان محط إهتمام إسرائيل والغرب .
فترة ما بعد تغيير نظام البشير حملت كثير من الملامح تمثلت في تعثر الوصول إلى إتفاق بين المكون العسكري والمدني ينهي حالة السيولة والهشاشة السياسية والأمنية والعسكرية هذه الوضعية خلقت نوع من الفوضى المتعمدة المؤمن عليها من أحزاب قحت المركزي وكانت أبرز مظاهرها التظاهرات المتكررة التي عطلت حياة السودانيين وتأثر منها دولاب العمل في مؤسسات الدولة الصحية والتعليمية والإقتصادية والإجتماعية بنسب مختلفة وكان تدني الأوضاع هو السمة الغالبة التى زادت من معاناة الشعب السوداني وكانت لحالة اللاوفاق بين العسكريين والمدنيين سبباً في التدخل الأجنبي في شئون السودان وهنا برزت أول مظاهر إستلاب السيادة السودانية وأصبحت الإرادة العسكرية والمدنية مربوطة بدوائر خارجية ومايؤكد ذلك ضعف القرارات المصيرية وعدم تلبيتها لتطلعات الشعب السوداني الذي يسعى إلى إقامة نظام سياسي مستقر يقود إلى إنتخابات حرة تعيد للسودان توازنه داخلياُ وخارجياً.
ومن الملامح الظاهرة خلال فترة ما قبل الحرب التدخل الواضح في شئون السودان تحت ستار بناء الثقة بين العسكر والمدنيين برز نفوذ بعض الدول ( السعودية ، الأمارات ، أمريكا ، بريطانيا ) ولم تخفي هذه الدول مطامعها في السودان.
إندلعت الحرب بين الجيش والدعم السريع ومارس الدعم السريع أعمال عنف في حق المواطنين السودانيين تمثلت في النهب والسلب والضرب المبرح والسرقة والإغتصاب والقتل العمد وكثير من الجرائم في حق الشعب السوداني الأعزل في ( الخرطوم والجنينة وأردمتا وغيرها من مدن دارفور وأخيراً ولاية الجزيرة بوسط السودان ) كان لهذه المناطق النصيب الأكبر من تلك الجرائم ومن المؤسف أن المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان على علم بهذه الجرائم وتدرك بشاعتها ورغماً عن ذلك لم تحرك ساكن لإنقاذ السودانيين في الخرطوم ودارفور من تحت ألة الدعم السريع المميتة وكان الصمت والتجاهل سمتين ظاهرتين للمجتمع الدولي وأن تجاهل أمريكا لجرائم الدعم السريع يؤكد بأن السودان مقبل على تغيير جذري يشمل ( الإنسان والأرض ) وأن الدعم السريع ودولة الأمارات مجرد أداة لتنفيذ المخطط بمباركة من أمريكا وإسرائيل وفرنسا أما السعودية جاء موقفها رمادي ولإثبات حسن النيّة وافقت على أن يكون منبر جدة للتفاوض بين الجيش والدعم السريع.
من خلال ما تقدم يمكن أن نقراء مواقف هذه الدول في إطار تحقيق المصالح فقط رغم التقاطعات الحادة بين دولة وأخرى من حيث التأييد والدعم وعدمهما لطرفي الصراع ( الجيش – الدعم السريع ) فنجد مصر ترى أن الجيش السوداني يعتبر هو الضامن لبقاء السودان وعصب حياة الدولة وأن موقفها من دعم الجيش ينطلق من قضيتين أساسيتين وتعتبرهما مصر في غاية من الأهمية وهما قضية سد النهضة ومسألة الأمن القومي وأن مصر لا يمكن أن تحقق ذلك إلا في حالة أن يكون السودان مستقر سياسياً وأمنياً .
هنالك تقاطعات بين السعودية والإمارات بخصوص السودان فهدف السعودية سياسي بحت وينطلق من مبدأ تحقيق أكبر قدر من التوافق فيما يخص أمن البحر الأحمر وسلامة الموانئ بإعتبار أن السودان والسعودية من الدول المشاطئة للبحر الأحمر فإن ذلك لا يتحقق إلا بالتأثير الإيجابي على النظام القائم في الخرطوم.
الأمارات أهدافها في السودان متعددة منها ماهو سياسي وما هو إقتصادي ( الذهب ، الموانئ ، أراضي الفشقة ) إضافة إلى تعاونها مع إسرائيل وأمريكا اللتان تسعيان إلى تقسيم السودان ونهب موارده والسيطرة على المياه والأراضي الزراعية بالقدر الذي يحقق لكل منهما الأمن الغذائي .
أما فرنسا تسعى أن تكون الجنينة موطئ قدم لها في السودان وإتضح ذلك بعد الجرائم التي نفذها الدعم السريع في حق أبناء المساليت فكانت زيارة السلطان سعد بحر الدين إلى فرنسا عقب أحداث الجنينة ولقائه ماكرون يبرهن على أن الزيارة حققت أغراضها ومن المحتمل أن تكون فرنسا قد وضعت يدها على حاكورة المساليت برضا السلطان إضافة إلى وجودها في شاد وأفريقيا الوسطى فإن ذلك يخدم أهدافها الإستراتيجية في أفريقيا