قمة إيغاد الطارئة تنطلق اليوم بحضور حميدتي وحمدوك وغياب البرهان

تواصلت المعارك والاشتباكات والقصف المدفعي المتبادل بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في جبهات قتال عدة داخل العاصمة القومية ومواجهات وغارات جوية ومناوشات على أطراف ولايات نهر النيل وشمال دارفور والنيل الأبيض والجزيرة.

مدفعية ومسيرات

وجددت قوات “الدعم السريع” أمس إطلاق سلسلة قذائف مدفعية على مقر القيادة العامة للجيش وسط العاصمة من مناطق شرق الخرطوم، بينما استهدف الجيش بالطيران المسير مواقع ومنصات “الدعم السريع” الصاروخية والمدفعية بمنطقة الطائف شرق الخرطوم، كما سُمعت أصوات الانفجارات والقذائف المتتالية في مناطق جنوب الحزام حيث تنتشر قوات من “الدعم السريع” بكثافة.

وأوضحت مصادر ميدانية، أن قوات “العمل الخاص”، استولت على عربات مقاتلة تابعة للميليشيات المُتمرِدة بمنطقة جبرة جنوب الخرطوم، وقضت على عدد من عناصرها.

وقالت المصادر إن “الجيش حقق أيضاً انتصارات على العدو في خور سماحة بمنطقة الحلفايا شمال الخرطوم بحري ودمر آليات عسكرية تابعة له، كما هاجمت مسيرات الجيش نقاط تجمع ومتحركات قوات “الدعم السريع” في شارع المعونة وسط المدينة نفسها.

تواصل القصف

وفي محور أم درمان شن الجيش هجوماً مدفعياً من قاعدته العسكرية في وادي سيدنا على تجمعات قوات “الدعم السريع” في عدد من مناطق أم درمان القديمة، وسمع المواطنون في محلية كرري ومنطقة الثورات أصوات تبادل لإطلاق النار والذخيرة من جهة القاعدة العسكرية.

ومع تقدم الجيش في وسط أم درمان وتوجهه إلى غربها، تمكن والي الخرطوم المكلف، أحمد عثمان حمزة، للمرة الأولى بعد أكثر من تسعة أشهر من الحرب من زيارة الحارة الأولى بمحلية أم بدة، وأصدر قراراً بحظر استخدام الدراجات النارية داخل الولاية.

مناوشات الأطراف

وفي ولاية الجزيرة أفاد شهود بأن اشتباكات عنيفة دارت بين الجانبين إثر تصدي قوات من الجيش لمحاولة هجوم من قبل “الدعم السريع” على نقاط ارتكازها تكبدت فيه القوة المهاجمة خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، وتابع تقدمه نحو كوبري بيكة غرب مدينة ود مدني.

أما في الجبهة الشمالية فما زالت الأنباء تتواتر حول تحركات لقوات “الدعم السريع” لاستهداف مدينة شندي، بخاصة بعد بث جنود منها لمقاطع فيديو من داخل منطقة النقعة والمصورات الأثرية شمال الخرطوم، معلنين توجههم نحو المدينة الكبيرة بنهر النيل.

وأكد اللواء ركن محمد الأمين خيري، قائد سلاح المدفعية في عطبرة، “استعداد الجيش والقوات النظامية والمستنفَرين في المقاومة الشعبية المسلحة، لدحر ميليشيات الدعم السريع التي تستهدف المواطن”. وأضاف خيري، خلال مخاطبته حشداً من المواطنين في الزيداب بولاية نهر النيل، أن “الأجهزة الأمنية بالولاية تعمل بتناغم وانسجام تام وفي يقظة تامة ومتابعة ورصد لصيق دقيق لكل ما يدور”.

وفي جنوب كردفان، أعلن قائد الجيش في حامية كادوقلي، سيطرة قواته على مواقع “الدعم السريع” في عاصمة الولاية.

قصف واتهامات

واستهدفت المقاتلات الحربية للجيش، منطقة الزرق في محلية كتم بولاية شمال دارفور، التي تضم أكبر القواعد العسكرية لقوات “الدعم السريع”، والمحطة الوسيطة لنقل العتاد والسلاح العابرة للحدود من دول الجوار.

واتهمت قوات “الدعم السريع”، طيران الجيش بقتل 12 شخصاً بينهم نساء وأطفال وتدمير عشرات المنازل فوق رؤوس أهلها الأبرياء، خلال قصفه للمنطقة. ودانت في بيان على موقعها بمنصة “إكس”، ما وصفته بـ “الجريمة الشنيعة التي ارتكبها طيران الجيش ضد المدنيين الأبرياء في تلك المنطقة”، مطالبةً “المجتمع الدولي وكل من يعتز بمبادئ الإنسانية بإدانة هذه الجريمة”.

تحرك أفريقي

إقليمياً، شكل رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، لجنة رفيعة المستوى تضم شخصيات أفريقية بارزة، كأعضاء في لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى للسلام بشأن السودان.

ودعا فكي، جميع الأطراف السودانية والمجتمع الدولي إلى التعاون وتقديم الدعم لأعضاء اللجنة بهدف تنفيذ تفويضهم بنجاح.

وأوضح بيان للاتحاد الأفريقي أمس الأربعاء، أن التعيين، يدخل حيز التنفيذ فوراً، تماشياً مع قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي، وفي إطار تفويض الاتحاد الأفريقي وعزمه على ترسيخ السلام والاستقرار في القارة.

يرأس اللجنة محمد ابن شمباس، الممثل السامي للاتحاد الأفريقي لإسكات الأسلحة، السابق إلى دارفور، وعضوية كل من بيشوزا، وأنديرا كازيبوي، نائبة رئيس جمهورية أوغندا السابقة، والسفير فرانسيسكو ماديرا، ممثل رئيس المفوضية السابق لدى الصومال ورئيس بعثة الاتحاد الانتقالية في الصومال.

عملية شاملة

وأشار البيان، إلى أنه لضمان عملية شاملة تفضي إلى سلام سريع واستعادة النظام الدستوري والاستقرار في السودان، ستتعاون اللجنة مع جميع الأطراف السودانية المدنية والعسكرية المتحاربة والجهات الفاعلة الإقليمية والدولية بما في ذلك منظمة “إيغاد” والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.

في السياق، صرح محمد الحسن ولد لبات، مدير ديوان مفوضية الاتحاد الأفريقي، والمتحدث الرسمي باسم ملف السودان، لـ “اندبندنت عربية”، أن “الاتحاد عاكف على تحرك إقليمي ودولي عبر فريق العمل الخاص للجم جنون العنف المتصاعد بالسودان”.

أكد ولد لبات، أن “الاتحاد يصب كل جهوده لدفع عملية إنهاء الحرب والتفاوض ووقف الدمار الشامل”، مشيراً إلى أن “المسؤولية الأولى والأخيرة هي مسؤولية السودانيين لا غيرهم”.

وأشار المتحدث إلى أن “لا وساطة ناجحة إلا باتفاق الأطراف على الوسيط الذي يلزم أن تتوافر فيه الكفاءة والدراية بهذا الملف”، لافتاً إلى أن “التجربة الأكيدة في الوساطة هي الحياد بين الأطراف والتشبث باختيارات السودانيين والنأي عن كل وصاية أو محاولة لفرض رأي عليهم.

قمة “إيغاد”

سياسياً كشفت مصادر تنظيمية عن مشاركة وفد قيادي من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) في قمة منظمة (إيغاد) اليوم الخميس بالعاصمة الأوغندية كمبالا التي ستناقش أزمة السودان ضمن أجندتها.

وكشفت المصادر، أن عبدالله حمدوك، رئيس الوزراء السابق، رئيس التنسيقية، سيقود وفدها المشارك في القمة الطارئة بجانب مجموعة من قيادات التنسيقية.

وجمدت الحكومة السودانية تعاملها مع “إيغاد” في شأن ملف الأزمة الحالية بسبب تغييبها وانتهاك سيادتها بدعوة الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد “الدعم السريع” لحضور القمة.

ترحيب أميركي

في المنحى ذاته، رحبت مولي في، مساعد أمين مكتب الشؤون الأفريقية بالخارجية الأميركية، بقمة “إيغاد” التي ستناقش التوترات بين الصومال وإثيوبيا والوضع في السودان.

وأكدت مولي في، دعم الولايات المتحدة لسيادة الصومال وسلامته الإقليمية، وكذلك دعوات رئيس الاتحاد الأفريقي موسى فكي، لوقف التصعيد والحوار إضافة إلى وقف إطلاق النار وحل الصراع في السودان.

استنكار أممي

أممياً، استنكر رضوان نويصر، خبير الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في السودان، تدهور حالة حقوق الإنسان في البلاد مع دخول النزاع المسلح الوحشي شهره العاشر، معرباً عن قلقه البالغ بشأن التقارير عن تجنيد أطفال في جماعات المقاومة الشعبية للقتال إلى جانب الجيش السوداني.

وأوضح نويصر، أن “شعب السودان لا يزال يتحمل العبء الأكبر لدوامة العنف التي لا تنتهي وتتسبب يومياً في المزيد من المعاناة الإنسانية والدمار والنزوح، بينما لا يلوح في الأفق حل سلمي على رغم مبادرات الوساطة الإقليمية والدولية المتعددة”.

ويتوقع أن يزور نويصر السودان في فبراير (شباط) المقبل، وتنعقد الدورة (55) لمجلس حقوق الإنسان في مارس (آذار) المقبل.

وأشار نويصر إلى أنه مع تمدد القتال جغرافياً تستمر انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني بلا هوادة، مطالباً قادة الطرفين بإظهار “المزيد من الإرادة السياسية لوضع حد للعنف المتفاقم وإسكات البنادق”.

تراث إنساني في خطر

إلى ذلك، دانت وزارة الخارجية السودانية، ظهور وانتشار عناصر من ميليشيات “الدعم السريع” مدججين بالسلاح داخل موقعي النقعة والمصورات الأثريين، الواقعين على مسافة 45 كيلومتراً جنوب مدينة شندي بولاية نهر النيل، في ما بدا كأنها خطوة جديدة من الميليشيات لتوسيع رقعة عملياتها العسكرية، فضلاً عن تواتر الأنباء عن وقوع معارك بالقرب من تلك المواقع الأثرية.

وتُعد النقعة والمصورات من أبرز المواقع الأثرية المحمية بالسودان، وبها مبانٍ يعود تاريخها إلى حوالى 3 آلاف سنة وهي مصنفة ضمن قائمة التراث الإنساني.

وقال بيان الخارجية إن “هذه الجريمة تؤكد سعي الميليشيات الممنهج لتدمير التراث الثقافي في السودان والذي شمل حتى الآن تخريب متحف السودان القومي ودار الوثائق القومية وعدد من الجامعات والمكتبات العامة وأماكن العبادة التاريخية.

وجددت الوزارة مطالبتها للمجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية “تصنيف الميليشيات جماعة إرهابية والتعامل معها على هذا الأساس”.

رغبة وانفتاح

في منبر آخر، جدد وزير الخارجية المكلف، السفير علي الصادق، “رغبة الحكومة السودانية في الحل السلمي عبر التفاوض الجاد والانفتاح على كل المبادرات من أجل إنهاء الحرب وعودة الحياة إلى طبيعتها، واستئناف المسار الديمقراطي”.

وأوضح الصادق، لدى تقديمه بيان السودان أمام الاجتماع الوزاري للقمة (19) لحركة عدم الانحياز، أن “عدم التزام الميليشيات بتعهداتها المختلفة، بخاصة إعلان جدة للمبادئ، ظل عاملاً أساسياً في نهاية وفشل كل المبادرات”.

وعزا الوزير المكلف، قرار الحكومة تعليق تعامله مع منظمة “إيغاد” بشأن ملف السلام، إلى تجاوزاتها في التعاطي مع الأزمة الراهنة في السودان، مؤكداً التزام السودان بمبادئ الحركة والعمل الجماعي بما يخدم تحقيق أهدافها التي خطها الآباء المؤسسون”.

تحصين قومي

صحياً، اكتملت الاستعدادات لانطلاق المرحلة الأولى للحملة القومية للتطعيم بلقاح الحصبة والحصبة الألمانية في الثاني والعشرين من يناير (كانون الثاني) الجاري، التي تستهدف تطعيم حوالى 6 ملايين طفل من تسعة أشهر حتى خمسة عشر سنة على مدى ستة أيام، عبر مراكز التطعيم ثابتة ومتحركة في ولايات كسلا، والقضارف، والبحر الأحمر، ونهر النيل، والشمالية، والنيل الأبيض وإقليم النيل الأزرق.

ووصف وزير الصحة الاتحادي المكلف، هيثم محمد إبراهيم، في مؤتمر صحافي، انطلاقة الحملة بأنها تشكل طفرة مهنية وعلمية في مسيرة الصحة في السودان، واختبار للنظام الصحي في التواصل والسلام.

من جانبهم، أكد ممثلو منظمات اليونيسف، والصحة العالمية، والتحالف الدولي للقاحات، استعدادهم لدعم وتعزيز جهود إنجاح هذه الحملة من أجل وقاية الشريحة المستهدفة من أخطار الحصبة.

جمال عبدالقادر البدوي
اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة