حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب.. مؤتمر جوبا .. الفرصة الأخيرة

القوى السياسية السودانية تجتمع في جوبا خلال أيام، مجموعة “تَقَدُم” والكتلة الديموقراطية، وربما آخرون.. وللمرة العاشرة تنال جوبا فرصة التسجيل في صحائف التاريخ إذ لا يزال مؤتمر جوبا الشهير في 1947 واحد من أهم نقاط العبور في تاريخ السودان الحديث.

الآن فرصة تاريخية أمام القوى السياسية إما أن تحرز الهدف الذهبي أو تذهب غير مأسوف عليها في غياهب التاريخ، فالحرب التي تقتات من دماء السودانيين وأشلاء مدنهم وقراهم هي امتحان حقيقي للقوى السياسية.. عود الثقاب الذي أشعلها كان بفعل الأجندة السياسية، و الذي نفخ في جمرتها هم الساسة، ولم يكن للعسكريين من الجانبين إلا الضغط على الزناد..

المطلوب الأول: أن تدرك القوى السياسية أن الكرة في ملعبها، و أنها الضلع الأقوى في مثلث يجمعها مع القوتين العسكريتين، ولا يجب أن تكون تابعا بل قائدا للأحداث في بلادنا، فقد دفع السودان ثمنا باهظا لاستمراء مكوناته السياسية البقاء في موقع الركاب لا قائد القاطرة.

المطلوب الثاني: أن تعلم القوى السياسية أنه ليس مطلوبا منها أن تُدِخل رأسها في جلباب واحد، فلكل سياسي أو حزب عقله وتفكيره وتقديراته، لكن من المحتم أن تتحد في هدف واحد قومي هو وقف الحرب أولا.. واعادة الشعب السوداني إلى بيوته وعمله وحياته الطبيعية.. تتعدد المسالك والطرق لكن يجب أن تؤدي كلها إلى روما.

المطلوب الثالث: أن يرتفع وعي القوى السياسية لأبعد من مجرد اصدار البيانات في وسائط التواصل الاجتماعي، هذا عمل (لا يحتاج إلى بطل) أصغر سياسي يستطيع من “بنبر” أما “ست الشاي” أن يصدر في كل يوم عشر منشورات تدين وتشجب أو تؤيد و تشكر.. المطلوب قرارات جديدة، تؤدي إلى حراك حقيقي يغير الواقع الآن.. و حتى لا تظن القوى السياسية أن ذلك أمر عفوي لا يحتاج إلى عزم و إرادة فإن العمل المطلوب هو اختيار رئيس وزراء مقبول لكل السودانيين ليبدأ مشاوراته لتشكيل حكومة.. أي فعل أقل من هذا هو محض إعلاء للأجندة الحزبية الضيقة فوق المصالح القومية العليا.. فالمكونات السياسية بكل أسف تحاول تحاشي مثل هذا القرار أو الفعل حتى تمسك بورقة مساومة تحفظ لها أعلى المكاسب الحزبية عندما تضع الحرب أوزارها و يُفتَح المزاد العلني لبيع كراسي السلطة.

هي فرصة لن تتكرر أمام القوى السياسية أن تركل الكرة في المرمى الخالي وتحرز الهدف الذهبي.. أو تتردد فتضيع كما ضاعت فرص كثيرة سابقة..

افعلوها بالله .. شعب السودان كله ينظر وينتظر….

مقالات ذات صلة