تصريحات للسفيرة ليندا توماس-غرينفيلد خلال الذكرى السنوية الأولى للنزاع في السودان

صباح الخير. أود أن أبدأ بتوجيه الشكر إلى تحالف بناء السلام على استضافته هذا النقاش المهم وزميلي المبعوث الخاص إلى السودان توم بيرييلو الذي عاد لتوه من زيارة إلى المنطقة، وكذلك إلى كل من سماح ونيامات وحنين على تصريحاتكم اليوم وعملكم كل يوم.

نحيي يوم الاثنين المقبل ذكرى أعرف أن أحدا منا لم يرغب في بلوغها، ألا وهي الذكرى السنوية الأولى للنزاع المروع الدائر في السودان.

قلائل هم السودانيون الذين لم تتأثر حياتهم وأرزاقهم بهذه الحرب.

ولكننا سنركز اليوم كما سمعتم على مدى تأثير هذه الحرب على النساء وكيف أن القتال الدائر بين رجلين قد دمر حياة ملايين وملايين من النساء والفتيات.

تعرضت فتيات للاختطاف من الشارع أثناء توجههن إلى المدرسة سيرا على الأقدام في الخرطوم. تم تكبيلهن في صناديق شاحنات ونقلهن إلى دارفور.

يستخدم العنف الجنسي كسلاح حرب وقد تعرضت نساء وفتيات لا يتعدى عمر بعضهن الأربعة عشر عاما للاغتصاب الوحشي على يد قوات الدعم السريع.

وكل ذلك بينما يبقى الحصول على أطقم طبية لما بعد الاغتصاب أو وسائل منع حمل في حالات الطوارئ أو أدوية للوقاية من فيروس نقص المناعة المكتسب أو للإجهاض من شبه المستحيل، وناهيك عن الدعم القانوني والمشورة.

وتذكرت أثناء كلامي الآن أنني وأثناء تواجدي في تشاد في مخيم اللاجئين في أدري والقريب من الحدود السودانية لم أسأل الفتيات والنساء عما إذا تعرضن للاغتصاب بل افترضت أنهن قد تعرضن لذلك، ولكنني لم أرغب في إجبارهن على التحدث عما عشنه.

ولكن قالت لي إحدى الشابات شيئا لن أنساه يوما. جلست معي وقد انطفأ البريق في عينيها وبدون أن تلوح شبه ابتسامة على وجهها، ثم قالت إنهم سلبوها طموحها. ولكنني قلت لها إن هذا ملكها ولا يستطيعون سلبه منها.

ولكن لم يكن قول ذلك لها بكاف لأنني لم أكن أعرف ما مرت به. لقد شعرت بإحباط هائل عندما سمعتها تقول إنها فقدت طموحها.

إذا يتمثل هدفي في العمل معكم ومع آخرين وبدعم من توم بضمان استعادة هذه الشابة والنساء الأخريات طموحهن.

لقد تعرض الأطفال والنساء لإطلاق النار والقتل أثناء محاولتهم الفرار.

ويواجه من حالفهم الحظ بالهروب تحديات جديدة ومدمرة فيما يتكيفون مع الحياة في مخيمات اللاجئين حيث الطعام قليل وبدأت الأمراض بالانتشار.

لقد التقيت بهؤلاء اللاجئين من النساء والأطفال في شهر أيلول/سبتمبر الماضي كما سبق وذكرت. التقيت بعائلات فرت من أعمال العنف بدون أي شيء سوى الملابس التي ترتديها وسارت لأميال وأميال لتصل إلى ما يشبه الأمان.

لن أنسى قصص معاناتهم وألمهم ما حييت.

ولكنني أتذكر أيضا شجاعتهم المذهلة وصمودهم وسعة حيلتهم وقدرتهم على مواصلة السير نحو المستقبل.

وهذا ما أريد أن أتكلم عنه اليوم في الواقع.

التحدث عن النساء كضحايا لا ينصفهن، بل يحكي نصف قصصهن فحسب.

لقد رأينا نساء مذهلات يقمن بأمور مذهلة على مدار العام الماضي لحماية أسرهن ومداواة وطنهن الأم.

وجاء الرد على الحرب من خلال عشرات مبادرات السلام ومبادرات إنسانية ومنظمات من المجتمع المدني بقيادات نسائية وتضافرت جهودها لتمنح النساء السودانيات المساعدة التي يحتجن إليها والتمكن من وضع حد للصراع الدائر في نهاية المطاف.

لقد ساعدت هذه المبادرات على إجلاء أسر من الخرطوم وقدمت المأوى للنازحين.

لقد قامت بتوثيق أعمال العنف الجنسي وقدمت الدعم النفسي للناجيات.

لقد رفعت الصوت من أجل السلام ونشرت التوعية بشأن معاناة الشعب السوداني.

وليس هذا العمل بجديد على النساء السودانيات.

نحيي في 15 نيسان/أبريل الذكرى السنوية الأولى للحرب، ولكن اليوم، أي يوم 11 نيسان/أبريل، هو الذكرى الخامسة للإطاحة بعمر البشير، وهو انتصار تحقق بفضل النساء بالنسبة الأكبر.

لقد تولت المرأة السودانية قيادة الثورة بمواجهة الترهيب والتهميش إلى حين إنهاء حكم البشير الدموي.

وناشدت السودانيات محكمة لاهاي لإحقاق السلام قبل ذلك بسنوات، وبالتحديد في العام 1999، وقمن بحث القادة على إنهاء الحرب الأهلية وضمان مشاركة المرأة في عملية السلام.

وفي منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وفيما بدأت مرحلة ما بعد الحرب تتجلى في السودان، ساهمت المرأة السودانية في مداواة بلادها المكسورة وطالبت بالمزيد من الوصول والتأثير والمشاركة المباشرة في الديمقراطية.

ليست مهمة المرأة السودانية أقل صعوبة اليوم بينما يلوح شبح المجاعة في الأفق وتواجه البلاد أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

لذا المجتمع الدولي ملزم بدعم السودانيات فيما يعملن على تعزيز السلام والعدالة والمساءلة.

ستواصل الولايات المتحدة رفع الصوت بالنيابة عن الشعب السوداني في مجلس الأمن وخارجه.

وسنستمر في المطالبة الصريحة والعلنية بضرورة احترام الطرفين المتحاربين للقانون الإنساني الدولي وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

سنواصل حث البلدان على تقديم المزيد من التمويل والمساعدات للشعب السوداني.

وسنواصل السعي إلى تحقيق المساءلة عن الفظائع الدائرة أمام أعيننا، بما في ذلك أعمال الاغتصاب والخطف والقتل الجماعي.

كما سنواصل بذل قصارى جهودنا لمساعدة السودان في العودة إلى مسار الديمقراطية وضمان جلوس المرأة إلى طاولة المفاوضات.

أنا ممتنة للسودانيات الشريكات لنا، على غرار اللواتي انضممن إلينا اليوم. إنهن قائدات شعبيات وشجاعات يبنين من أجل مستقبل أفضل يحقق فيه الشعب السوداني طموحاته بالأمان والديمقراطية والكرامة.

لذا أقول لكن جميعا ولمن لا يزلن منكن في السودان ويقاتلن من أجل العدالة ولملايين النساء والأطفال والفتيات والأمهات والجدات اللواتي تحملن ما لا يمكن تصوره بشجاعة فائقة، تأكدوا أنني حليفتكن والولايات المتحدة حليفتكن أيضا.

أجدد الشكر لجميع الحاضرين معنا اليوم على جهودكم الدؤوبة لإنهاء هذا الصراع الفارغ من المعنى ولبناء عالم أفضل لنا جميعا.

شكرا جزيلا.

مقالات ذات صلة