حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب :مسيرات مروي ..

ثلاث محاولات لضرب مطار مروي بالطائرات المسيرة خلال يومين، نجح الجيش في التصدي لها و اسقاطها بلا خسائر في الأرواح أو المعدات أو المباني.. وهي الموجة الرابعة بعد عطبرة و القضارف و شندي.

باستخدام “البرجل” ورسم دائرة بـ 1500 كيلومتر يتضح أن مصدر هذه الطائرات من مدينة الخرطوم على وجه الدقة، وربما بالتحديد من منطقة جبل الاولياء العسكرية جنوب الخرطوم، التي تضم قاعدة النجومي الجوية.

هذه الترجيحات ناتجة من كون المسيرات حتى الآن مجهولة الأبوين، لا أحد يريد أن يتبناها أو يستفيد من صداها الاعلامي الكبير الذي خلفته بعد كل هجوم، الضربة الاولى في افطار كتيبة البراء بن مالك في مدينة عطبرة كان مفاجأة كبرى وصدمة لأنه في عمق المنطقة الخضراء متخطيا كثيرا من خطوط الدفاع الممتدة ..

ثم الهجوم الثاني ذهب بعيدا من الأول ، إلى أقصى شرق السودان مدينة القضارف مستهدفا هذه المرة مقر جهاز المخابرات ورغم فشله لكن الصدى الاعلامي ظل يتردد في الآفاق لعدة أيام.

ثم الثالث في منطقة عسكرية بمدينة شندي و بعدة مسيرات في توقيت حساس لوجود رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان في المنطقة.

و استمر المسلسل يحصد الانتباه هذه المرة من مروي وهي أيضا قاعدة عسكرية بعيدة عن مواقع العمليات الجارية في الخرطوم والجزيرة و دارفور.

كل هذا الرنين الاعلامي تنازل عنه الدعم السريع ولم يتبناه رغبة في تعليق الجرس على رقبة القط، والقط هنا طرف ثالث يحاول الدعم السريع أن يوحي بأنه من داخل صندوق الجيش.. لزرع الشك والتنافر بينه والكتائب المستنفرة الداعمة للجيش.
من هذا التحليل نخلص إلى أن الجهة التي أطلقت المسيرة لا ترغب أن ينسب إليها الأمر، وهذا يعني عمليا أن شحن وتخزين واطلاق هذه المسيرات لا يجب ان يثير انتباه أحد حتى لا يكشف الجهة المنفذة للهجوم وهي الدعم السريع.

ولابعاد الشبهات فلا مناص من اطلاق المسيرة من موقع يحتمل الكتمان ولا يلفت الانتباه.. وفي هذا تتدخل خصائص هذه الطائرة المسيرة بشدة لتحديد موقع الاطلاق..

الطائرة المسيرة Sun flower 200 صينية الصنع، انتحارية، لها القدرة على قطع مسافة من 1500 الى 2000 كيلومترا للوصول الى هدفها، بسرعى تتراوح من 160 الى 220 كيلومترا في الساعة.

لكن هذه الطائرة تطلق من منصة بقوة دفع صاروخي بما يعني أنها تضطر للتحليق التدريجي على ارتفاع منخفض بعد انطلاقها، ولأنها تستخدم الوقود العادي فإن صوتها أشبه بالدراجة النارية ومن السهولة بمكان سماعه من مسافة مقدرة.

بدراسة دقيقة لخصائص الطائرة ومداها و طريقة اطلاقها ثم بقراءة بيان قيادة الفرقة الثالثة مشاة بشندي الذي حدد أنها أتت من اتجاه الجنوب، يبدو واضحا أن هذه الطائرات المسيرة أقلعت من قاعدة النجومي بجبل أولياء التي وصلتها في شكل شحنات عبر جسر خزان جبل أولياء، بعد رحلة طويلة عبر البر من أقصى حدود السودان الغربية.

مقالات ذات صلة