افتتح أعماله ملتقى بمشاركة العراق وتشاد ومالي .. القصيدة العربية تلتقي جمهورها في أرض النيلين

افتتح أعماله ملتقى بمشاركة العراق وتشاد ومالي
القصيدة العربية تلتقي جمهورها في أرض النيلين
على إيقاع القوافي والموسيقى الدمى
الخرطوم-اثير نيوز

ظلت الخرطوم تحفل بحراك أدبي ينثر أريجه الشعراء بسخاء وامتاع يتدفق على مسامع الجمهور بانسياب بهيج، وقد رسخت الخرطوم فيض اهتمامها بالشعر والأدب على مر السنوات السابقة، وتعمل بلاد النيلين على تعزيز اهتمامها بالقصيدة العربية لرفد المشهد بأكاليل الشعر ورونق الحروف..

رسمتُ غيماً ولم أرسم له مطرا
لكنّه كسرَ اللوحاتِ وانهمرا
وفزّز الماء طيناً كان مختبئاً
في لوحتي ناطراً في صمته المطرا
وكان في الطين حلمٌ لو منحتُ له
وقتا ندّيا لكانت لوحتي شجرا
لكنّه اختلطت ألواننا فإذا
هذا الرماديّ ليلاً يصبغ الفقرا
لا لونَ في اللون كانت لوحتي امرأةً
وكنتُ أمتدُّ في أحلامها حذرا
نهران طفلان فرّا من عباءتها
فرفرفا واستراحا بعدها كبرا
وسافرا ما استطعتُ الآن مسك يدي
فإذ بنا نعبر اللوحات والأطرا
مسافرون وإذ لا شئ يوقفنا
وخلفنا أنهرٌ مخبولة وقرى
يا لوحة القلق الصوفيّ من رسم
المعنى وحمّل أشجارَ الصِبا حجرا
ومن تلكأ في الألوان وارتبكت
سماؤه فأراق اللونَ واختصرا

هكذا كانت مشاركة الشاعر العراقي ضيف البلاد، حيث خطف أبصار وذائقة الجمهور وقاسمهم الدهشة بالروعة والمتعة، وعلى هذا النسق وتحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي راعي الثقافة في الوطن العربي، ومؤسس بيوت الشعر، شهدت بلاد النيلين الخرطوم افتتاح ملتقى النيلين للقصيدة العربية، بقاعة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بمشاركة الشاعر العراقي الكبير عارف الساعدي، والشاعر المالي بكري سيسي، والشاعر التشادي عبدالرحمن أبكر، والشاعرين: أسامة تاج السر، والسر مطر من السودان.
يقول الشاعر بكري سيسي في قصيدته تائهة:
‏رأيتني في مَغَارِ الفِكْرِ
‏أكتبني ‏بَوْحاً ‏جَلِيًّا
‏وفِكْرِي تَوأمُ الفَلَقِ
والخِضْرُ
‏في مَرْتَعِ الألفاظِ ‏يُنبِئنِي:
عَصَاكَ ‏ للكلماتِ السِّحْرِ
فائتَلِقِ
بنيتُ
من رَحِمِ الإبداعِ قافيةً
‏وزني
‏تُعانقهُ خيَّالةُ الشَّفَقِ

أما الشاعر السر مطر في نصه (مُشاهَداتِي والصُّوفِيُّ المُعَذَّب) يقول:
“ها قد وجَدتُكَ”
“فلترجِعْ
فهلْ لفَتًى في مِثلِ طَيشِكَ
أن يَقْفُو خُطَى مِثلِي!”
“أنا مَشَيتُكَ أعْمارًا على لَهَبٍ
فكيفَ تَطلُبُ أنْ أمْشِي على رِسْلِي!
(أشُكُّ.. يُؤلِمُنِي شَكِّي وأبْحَثُ عنكَ)
في هَوامِشِ ما خَطَّتْ يَدا طِفلِي!

وصف الدكتور الصديق عمر الصديق اليوم بالفريد من أيام الشعر لكونه يأتي في الشهر الذي خصص له ليكون فيه اليوم العالمي للشعر، ونحن في هذا اليوم سعداء أن نستقبل شعراء أعزاء من البلاد العربية والإفريقية فمرحباً بالشاعر الدكتور عارف الساعدي من العراق الشقيق، وعندما نقول العراق يتداعى إلى النفس كل موروث الشعر العربي من لدن أبي الطيب أحمد حسين المتنبي، مروراً بابن زريق والسياب والبياتي ومظفر النواب إلى زماننا هذا الذي نحن فيه مع عارف الساعدي وأقرانه من الشعراء، والعراق بلد ملهم عرف بالشعر والعمق الثقافي والحضارات العظيمة، وترحيبنا كذلك بالشاعر بكري سيسي من مالي وأبكر عبدالرحمن من تشاد وكلاهما بلاد تزخر بامتداد في الثقافة العربية الإسلامية الراسخة، فهذا يوم نسعد فيه بوجودكم، فنقدم شكرنا لكل من وقف مع بيت الشعر، شكرنا لوزارة الثقافة ولجامعة الخرطوم، والشكر المستحق نقدمه لمؤسس وراعي بيوت الشعر الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة، أشكركم جمهورنا الكريم واتمنى لكم امسيات ونهاريات وعصريات ما سمع بها الأولون.

الشاعر عبدالرحمن أبكر يقول في نصه عبورٌ إلى المجهول:
كم في العيون قصيدة مكنونة
والحب يكشف جوهر الأشياء
كُبرى تفتش نفسها في موطن
عميت مراياها عن الحسناء
وطن بحجم الحزن يثقل كاهلي
يجثو علي بركبة الظلماء
نحن انحسار الماء في صحرائه
رهن الخسارة في يد الغرباء

الشاعر الدكتور أسامة تاج السر في أحدى نصوصه:
غفوتُ،
كنتُ أرى الأحلام مقبرةً
والطيرُ عاكفةٌ بالبابِ، والعُرْجُ
رأيتُ غربانها بالحقد نابشةً
وهي التي علّمتنا بعضَ ما نرجو
مرّت هُداهدُ ليست ذاتَ أدلجةٍ
فلم تنبئ كأنْ لم يعنِها الهرج
أفقتُ
قربي غزالاتٌ مذبّحةٌ
ورأسٌ فهدٍ،
وإبريقٌ،
مُدًى،
وهجُ
خيلٌ أعنّتُها شهبٌ ممزّقةٌ
والأفق فوجُ إوزٍّ دونه فوجُ
والراكبون على النجوى ملائكةٌ
كأنهم من تداني جمعِهم نسجُ

اختتمت الفعالية بتكريم المشاركين من قبل مدير بيت الشعر الدكتور الصديق عمر الصديق، وبحضور سفير المملكة العربية السعودية السفير على بن جعفر، والقنصل العراقي مشرق جعفر غني، مسؤول الشؤون السياسية بسفارة جمهورية مصر العربية كريم شرقاوي، والأستاذ الدكتور عمران فضل أمين الشؤون العلمية بجامعة الخرطوم، ممثلاً للجامعة، و د. صديق مصطفى الريح رئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب.
وقد حفل اليوم بحضور جماهيري كبير مع الالتزام الكامل بالتدابير الاحترازية من تباعد واستخدام المعقمات وارتداء الكمامة، وتجلى كعادته في تقديم الأمسيات الشاعر الإعلامي محمد الخير إكليل بتفرد وتميز يتقاطر شعراً وجمالاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *