السودان: شركات الاتصالات كيف تفلت من الرقابة.. خدمات رديئة مقابل اسعار باهظة الثمن

حالة من الغضب انتابت مواطنين سودانيين مؤخراً ،عقب ارتفاع أسعار خدمات الاتصالات “الإنترنت والمكالمات” ، بواسطة الشركات الثلاثة الرئيسية: “زين سوداني ام تي أن”.

 

موجة الغضب ليست فقط بسبب الزيادة ، ولكن لسوء وتردي الخدمة أيضاً ، فالمواطن بات هو الحلقة الأضعف ، حيث يتحمل كافة تبعات الوضع الاقتصادي الطاحن ولا يكاد يفيق من صدمة زيادة في سلعة أو خدمة ، حتى يفاجأ بزيادة أخرى في اليوم الثاني.

 

تردي الخدمات وزيادة في الأسعار

خدمات الاتصالات وخاصة الانترنت ليست ترفيهاً ، ولكنها أصبحت مرتبطة بكافة المجالات الخدمية والاجتماعية ، غير ان الزيادة الأخيرة كانت كبيرة جدا في الأسعار.

شركات الاتصالات المحلية ، بعثت مطلع العام الحالي ، برسائل إلى عملائها ، تخطرهم فيها بزيادة ضريبة القيمة المضافة ، مما يترتب عليه رفع تعريفة المكالمات وخدمات الإنترنت.

وتضمنت رسالة الشركات إلى العملاء: “بناء على توجيهات جهاز تنظيم الاتصالات ، فقد تم تغيير ضريبة القيمة المضافة من 35% إلى 40%، وذلك ابتداء من يناير وتواصلت بعدها الزيادات بصورة راتبة.

 

حملة للمقاطعة

نشطت عبر مواقع التواصل الاجتماعي السودانية ، حملة لمقاطعة شركات الاتصالات ، قال منظموها إن الزيادات الأخيرة أكبر من قدرتهم على الدفع، ولا تقدم الشركة جودة مناسبة للخدمات مقابلها ، حسب رأيهم.

فيما عزت شركات الاتصالات في بيانات منفصلة ، زيادة الأسعار للظروف الصعبة التي يواجهها قطاع الاتصالات في السودان ، نتيجة المطردة لأسعار مدخلات أساسية في مقدمتها سعرا الوقود والكهرباء، وارتفاع الضرائب.
مخالفة المعايير

وصف رئيس منظمة الشفافية السودانية ، الطيب مختار ، الزيادات التي طرأت على تعرفة الاتصالات في المكالمات والانترنت والخدمات الأخرى ، بغير الواقعية والكبيرة.

واكد مختار أن معايير الزيادة لخدمات الاتصالات ، يفترض أن لا تزيد عن “2%” من دخل الفرد ، وهو معيار عالمي وهي أحد مبادئ حقوق الإنسان.

وأشار إلى عدم منطق الذين يتحدثون عن أن السودان يتمتع بأرخص اتصالات في المنطقة ، وقال هذا الكلام غير صحيح من ناحية عملية وليس نظرية ، لجهة أن دخل الفرد مرتفع في الدول العربية مقارنة بالسودان الذي يتراجع فيه سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية.
غياب الرقابة على الشركات

وانتقد مختار ، صمت جهاز تنظيم الاتصالات والبريد ، باعتباره الجهة الرقابية على هذه الشركات ، وقال لكن الشئ المستغرب أن جهاز الاتصالات نفسه أصبح يبحث عن مبررات لهذه الشركات ، في وقت كان من المفترض أن يكون الجهاز الرقابي على مسافة واحدة من المواطن والشركات والحكومة.

وواصل مختار هجومه على جهاز تنظيم الاتصالات والبريد مضيفاً: الجهات الرقابية أيضا تمارس الصمت على سوء الخدمات المقدمة من شركات الاتصالات للمواطنين في مقابل خدمة مرتفعة الثمن.

ولفت إلى فشل الجهاز ايضا في إلزام الشركات بتطبيق “حرية التحرك بالرقم” ، وهو نظام معروف يتيح لك تغيير الشبكة بذات الرقم عندما تكون الخدمة سيئة حيث طبق هذا الأمر بطريقة تخدم الشركات.

 

فساد

 

واشار رئيس منظمة الشفافية ، إلى وجود العديد من المشاكل المتعلقة بالخدمة ، لافتاً إلى شكاوى المواطنين والمستهلكين من متبقي باقات الانترنت من خدمة الشهر.

وقال عندما يشتري شخص باقة انترنت ويتبقى جزء منها بعد نهاية الشهر يضيع ولا يستفيد منه المستهلك الذي يشتري الخدمة من حر ماله ، مضيفاً : هذا أكل لأموال الناس بالباطل ، أيضا هنالك الرسائل التي تنتهك الخصوصية دون موافقة الشخص على الخدمة تصلك رسائل وخدمات لم تطلبها وتتم محاسبتك عليها .

واكد مختار ، ان الضرائب التي تأخذها الحكومة” ضرائب أرباح اعمال” من المواطنين في الفواتير كبيرة جدا “50%” مقارنة بالضرائب التي تأخذها الحكومة من الشركات والتي لا تتعدى “7%” اكثر من الضرائب التي تأخذها من الشركات .

واعتبر ، ان زيادة عدد الشركات امر غير مجد في الوقت الحالي لضعف جهاز الرقابة الذي بات يدافع عن الشركات دون مراعاة لحقوق المواطنين الذين تنطبق عليهم ذات المعاناة التي تواجه الشركات فيما يتعلق بغلاء الأسعار.

 

تراجع الخدمات

من جانبه ، يقول المحلل الاقتصادي ، محمد الناير ، إن ارتفاع تكلفة الخدمات الخاصة بالاتصالات ستؤدي إلى تراجع في الخدمات وتؤثر على الشركات نفسها من ناحية الموارد ، وربما نفقد الخدمات الموجودة حالياً.

ورأي الناير  أن خدمة الاتصالات في السودان تراجعت بشكل كبير بعدما كان السودان في مصاف الدول المتقدمة في المجال ، مضيفاً ” نحن الآن في ذيل القائمة”.

وأكد أن المواطن هو من يدفع الثمن وتقع عليه كافة اعباء الزيادات المتوالية في الكهرباء والجازولين والمياه والدولار الجمركي الذي ارتفع مرتين خلال أسبوعين من”33%” إلى “40%” ، ثم تأتي شركات الاتصالات لتزيد الطين بله”.

وطالب الناير الحكومة بضرورة أن يكون لديها وقفة مع الأعباء التي يعاني منها المواطن الذي لا يغطي مستوى دخله “15%” من الحد الأدنى للمعيشة قائلا : يجب أن تدق الحكومة ناقوس الخطر ، الآن حول الوضع المعيشي صعب والحكومة مهتمة بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، لكن يجب عليها الاهتمام اكثر بمعاش الناس.
تغييب أصحاب المصلحة

واتهم عضو المجلس الاستشاري لجمعية حقوق المستهلك والاقتصادي حسن القوني الشركات بالتعدي علي حقوق المستهلكين ، دون ان يجد المستهلك الانصاف .

وقال القوني  درجت الشركات على تحديد قيمة تعرفة الاتصالات والمكالمات دون مشاورة أو مشاركة جهات الاختصاص وممثلي المستهلكين ، مضيفاً انفراد الشركات بقرار التعرفة يجعل الجهات الأخرى مغيبة تماما عن معرفة التكلفة الحقيقية.

وأضاف القوني ، يفترض ان تتم الزيادة وفق أسس علمية تراعي التكاليف وهامش أرباح مناسب لا يتضرر منه أحد سواء الشركات أو المواطنين ، لذلك تناشد الجهات بمراقبة التسعيرة والتعرفة حتي لا يشعر المواطن بالظلم.

 

وأشار إلى أنه في الفترة الاخيرة لوحظ أن هنالك زيادة متتالية في الأسعار وفي اعتقادي الشخصي انها تمت وفق المزاج الخاص بالشركات.

 

مطالب بإنشاء محاكم للمستهلك

وطالب القوني بإرجاع قانون حماية المستهلك وقانون التجارة بجانب إنشاء نيابة ومحاكم للمستهلك.

وقال الشركات حاليا تأخذ أموال من المستهلكين دون أن تقدم لهم خدمات توازي حجم الأموال التي دفعوها داعيا جهاز تنظيم الاتصالات للقيام بدورة في مراقبة الشركات.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *