مختارات الجمعة/اسامة حسن بخيت في رثائه لوالده/ بر ووفاء،ودموع..

اسامة حسن بخيت في رثائه لوالده/ بر ووفاء،ودموع..

اثير نيوز/

وداعا والدي
القمندان حسن بخيت علي…انصراف…

الاثنين 29 مارس 2021 التاسعة وتسعة وثلاثون دقيقة مساءليلة النصف من شعبان …
هاهي روحك تصعد الي السماء في هذا اليوم المبارك بعد حياة حافلة بالبذل والعطاء والنجاح العملي والاجتماعي في بوليس السودان..كانت بودار نجاحك تتجلي وانت تخطو خطواتك الاولي في البوليس ..متحريا لا يشق له غبار ..دقيقا في ملاحظته..وبذكاء وعقل وقاد تفك طلاسم اعقدالقضايا الجنائية مهما كان غموضها ..مرتبا في وضع تفاصيل الجريمة وحاضرا لاي سؤال مما اكسبك احترام كل القضاة الذين تعاملت معهم في تقديم الجناة للعدالة امامهم حيث كنت حاضرا لاي سؤال واستفسار من القاضي او محامي الدفاع ..فكانت القضية الشهيرة قضية قتيلة الشنطة ..التي اصبحت تدرس في كليات القانون ..وقضية الذهب الكنغولي وقضية الفتيات القاصرات في عهد عبود والتي طال الاتهام فيها شخصيات سياسية نافذة قادها معك القاضيان علي محمود حسنين وعثمان خالد مضوي عليهم رحمة الله ودفعا ثمنا باهظا نتيجة لاصرارهم علي القبض علي المتهمين النافذين ..ثم قضية الفلاتي الدجال الذي قتل احد المواطنين طعنا بالسكين فكان ردك المفحم لمحامي الدفاع محمد احمد المحجوب ..عندما سخر من مثل تلك السكين المعروضة هل ممكن ان تؤدي الي جرح دعك من قتل فكان ردك ان طلبت من القاضي ان يسمح لك بتجريبها علي يد المحجوب حتي تتاكد المحكمة فذهل المحجوب للرد وبعد ان تم الحكم ضد الدجال قام المحجوب بتنهئتك ورفعك عاليا تقديرا لادائك المميز..مما جعل القاضي علي محمود يوصي بادخالك الي كلية البوليس لادائك المميز ..وتاتي قضية الشيخ الطيب السراج التي رفضت اتمام التحقيق فيها نتيجة للتهديد الذي وصلك بقتل ابنائك الاثنين ذاك الوقت ورفضت حتي ان تدلي باقوالك عنها في توثيق لها..وعندما سالك مدير البوليس انذاك في الترقيات لماذا لم تحل طلاسم مقتل السراج وانت المعروف بحل اكثر القضايا غموضا كان ردك الله ما اراد..
مهما عددت من قضايا لن اوفي حقك ومهما كتبت لن اوفيك حقك..كان المجرمون يطلقون عليك لقب( السحائي) كناية عن ان من يقع تحت يدك لا محالة مدان ..مثل ما كان يفعل مرض السحائي مع ضحاياه لن يفتلوا من الاذي..
في عملك بجنوب السودان مديرية اعالي النيل حيث تنقلت كل مدنها وقراها تبث الامن والطمنانية في قلوب مواطنيها وكان ينادونك بيابا حسن وكنت تفض النزاعات بينهم قبل وصولها لمنضدة القضاء مما جعل القاضي ابيل الير يستغرب في تلك المعاملة منك وانت الشمالي الجعلي..فنمت صداقة قوية معه..
عدت للخرطوم وتنقلت في اقسام مدينة امدرمان التي احببتها وكنت تعود لقسم البوليس عصرا وتضع كرسيك امام المدخل تتلقي المتخاصمين وتنصحهم قبل فتح البلاغ..نتيجة لمعرفتك الاجتماعية بعوائليهم..وتبدا الجودية معهم حتي يتصالحوا ويعودوا متالفين ..كنت تقول لي تطبيق روح القانون اهم عندي من تطبيق القانون كان المواطنين في كل حي جوار اي قسم يفرحون عندما يعرفون انك اصبحت مديرا للقسم في حيهم وبحسون بالامن والطمنانية لان عمل البوليس كان يجري في دمك وياخذ كل وقتك ..كنت دقيقا في عملك حاضرا دائما…في ايام مايو ..عندما عين ابو القاسم محمد ابراهيم وزيرا للداخلية ..وبهوجته المعروفة جاء في المساء الي مدرسة تدريب المستجدين وبلوكات الرئاسة حيث كنت قائدا لها في جولة مفاجئة تفتيشية عله يجد ما يبتغي فبدا بيومية الاحوال ثم العربات وعنابر المستجدين و طعامهم وبعدها مخازن السلاح حيث وجد كل شى مرتبا وجاهزا وحتي السلاح كان مزيتا جاهز فذهل ..ولم يستطيع ايجاد اي ثغرة..وصباحا كانت الاشادة بك..
تدرب علي يديك كثير من الضباط ابنائك الذين يكنون لك الاحترام والوفاء لرجل علمهم مبادئ العمل الشرطي والالتزام وكنت تكره ما تكره رجل البوليس المرتشي ومستعمل سلطته بافراط وعديم الاهتمام ..بصماتك حاضرة في كثير من قيادات الشرطة السابقين وقليل من الحاليين ..مجهوداتك في تطوير اقسام الشرطة ومدرسة تدريب المستجدين من افراد الشرطة وانشاء الاحتياطي المركزي..وغيرها ..مما جعل ادارة الشرطة ان تطلق اسمك علي احدي قاعتها بنادي الشرطة قاعة العقيد معاش حسن بخيت علي مربي الاجيال..
ثم كانت المحطة الاخيرة قمندانية امدرمان وانت علي راسها تؤدي عملك كما تحب وتسهر علي امن مواطني امدرمان التي احببتها..ثم بحري بعدها طلبت المعاش الاختياري في فترة ابريل الانتقالية ..وعملت بعدها في القضاء بالمحاكم الاهلية وكنت كما عرفك الحميع تطبق روح القانون اكثر من تطبيق القانون وتنحي للصلح بين الخمصين وكانوا يستجيبون لك ويتنازلون ويخرجوا متصافين..
اعذرني ان لم استطيع ان اعبر كما ينبغي فصدمة الرحيل كانت قاسية وكنت كلما اردت ان اكتب تهرب الكلمات مني واخاف لا اوفيك جزء من حقك علينا ..فكيف لابن ان يجازي ابيه ولو بكلمات …
ارقد بسلام ..تصحبك دعواتنا ودعوات اهلك وتلاميذك ومحبيك وعارفي فضلك اين ما عملت ..
حسبك من الدنيا انك خرجت نظيفا لا شبهة عليك في عملك وعلاقتك ..
حسبك اننا راضين عنك ..وعما فعلته من اجلنا وما غرسته فينا من قيم ومثل.. سائلين المولي عز وجل ان يتقبله منك عملا صالحا..
اسال الله ان يجعل الامراض التي الزمتك الفراش كفارة لك وتنقية لك من كل ذنب..
اللهم عامله بما انت اهل له ..واشمله برحمتك وعفوك وارضي عنه فيما بذل من جهد فينا وفي عمله ..وادخله الجنة برحمتك بلا سؤال ولا عذاب…
القمندان حسن بخيت علي..انصراف..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *