أسلحة بلغارية في يد الجنجويد : الإمارات كمستخدم نهائي تحت مجهر القانون الدولي

تقرير : المهندس / خالد مصطفى الصديق عبدالرحمن الفزازى
ملخص تنفيذي : تُظهر وثائق رسمية من الحكومة البلغارية أن شحنات من الأسلحة التي صُنّعت فى بلغاريا وظهرت لاحقًا فى حوزة مليشيا الجنجويد فى السودان ، كانت قد تم تصديرها بموجب ترخيص رسمي إلى “حكومة الإمارات العربية المتحدة” كمستخدم نهائي . هذا التحول فى مصير الأسلحة يُثير جملة من التساؤلات القانونية والسياسية حول المسؤولية الأخلاقية والجنائية للدولة المستوردة .
أولاً : خلفية التسلح والتورط الإماراتي فى النزاعات الإقليمية دأبت دولة الإمارات على التدخل فى نزاعات إقليمية مسلحة عبر وكلاء ومليشيات ، كما حدث فى ليبيا واليمن ، حيث وُثقت صفقات أسلحة وتحويلات مشبوهة لمليشيات خارجة عن القانون .
وصول الأسلحة البلغارية إلى الجنجويد يُمثل استمرارًا لهذا النمط ويكشف عن شبكة توريد وتسليح ذات أهداف سياسية وعسكرية تتجاوز الحدود .
ثانيًا : تحليل الوثائق البلغارية – الإمارات كمستخدم نهائي رسمي البيانات الصادرة عن السلطات البلغارية تشير بوضوح إلى أن المستخدم النهائي المُعتمد فى أوراق التصدير هو “حكومة الإمارات” ، وليس شركة خاصة أو طرف ثالث .
وبهذا تصبح الإمارات مسؤولة قانونًا عن أي تحويل لاحق للأسلحة إلى أطراف أخرى ، لا سيما إذا كانوا جماعات تخضع لعقوبات دولية مثل الجنجويد .
ثالثًا : تناقض التغطية الإعلامية الفرنسية ومحاولة التستر أحد التقارير الإعلامية الفرنسية حاول إلقاء اللوم على “شركة إماراتية” كمستورد ، إلا أن هذا الادعاء يتعارض مع ما أكدته الوثائق الرسمية البلغارية . محاولة إغفال اسم الدولة المستوردة تشير إلى وجود تواطؤ إعلامي لتخفيف الضغط الدولي عن الإمارات .
رابعًا : الردود المحتملة من المدافعين عن الإمارات وتفنيدها
ادعاء التزوير أو السرقة : غير منطقي نظرًا للطبيعة الحساسة لهذه الصفقات وخضوعها لتتبع دقيق .
الجهل بمصير الأسلحة : الإمارات دولة مركزية صارمة فى إدارة مشترياتها العسكرية ، والجهل مستبعد فى ظل هذا النظام .
خامسًا : المسؤولية القانونية الدولية وفقًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات تجارة الأسلحة ، فإن تصدير السلاح إلى أطراف ترتكب جرائم ضد الإنسانية يُعتبر مشاركة غير مباشرة فى تلك الجرائم .
وبما أن الجنجويد ارتكبوا جرائم موثقة فى دارفور ، فإن الإمارات ، كمستخدم نهائي للأسلحة ، تتحمل تبعات قانونية .
*مرتكزات قانونية :*
تنص المادة (6) من “اتفاقية تجارة الأسلحة (ATT)” على حظر نقل الأسلحة إذا كانت الدولة المصدّرة تعلم أن هذه الأسلحة قد تُستخدم فى ارتكاب إبادة جماعية أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب .
المادة (7) من الاتفاقية تُلزم الدولة المصدّرة بإجراء تقييم دقيق لاحتمال استخدام الأسلحة فى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان .
المادة (25) من النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية تنص على المسؤولية الجنائية الفردية عن المساهمة في ارتكاب جرائم دولية ، بما فى ذلك عبر تقديم وسائل الجريمة (كالأسلحة) عن علم .
المادة (28) تُحمّل القادة والمسؤولين الحكوميين المسؤولية إذا فشلوا فى منع أو قمع أو الإبلاغ عن الجرائم التي تُرتكب تحت سلطتهم .
سادسًا : التوصيات
1. فتح تحقيق دولي عاجل فى شحنات السلاح البلغارية التي وصلت إلى السودان .
2. فرض عقوبات على الجهة التي حوّلت هذه الأسلحة للمليشيات .
3. مساءلة الحكومة الإماراتية أمام مجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية .
4. تفعيل آليات تتبع الأسلحة من المصنع حتى المستخدم الأخير .
*ملاحق :*
نسخ من وثائق التصدير البلغارية .
صور للأسلحة المضبوطة بأرقامها التسلسلية .
تواريخ وأسماء السفن أو الرحلات المشبوهة .
خاتمة : إن الوثائق لا تترك مجالاً للتأويل : الأسلحة التي تقتل أهل دارفور لم تصل بالصدفة ، بل عبر قنوات رسمية ختمت بأختام حكومية .
السؤال الآن لم يعد كيف وصلت؟ بل لماذا وصلت؟ وما الثمن الذي تقاضته الإمارات مقابل هذه الدماء؟