محجوب أبوالقاسم يكتب : إرادة وطن

في كل محنة يختبر فيها الوطن صلابته تبرز وجوه لا تعرف التردد وأصوات لا تعرف الانكسار ورجال لا يهابون الحقيقة ولا يساومون على المبادئ، طالعت مؤخرا حوار جريئ ومهم أجرته الزميلة الصحفية النابهة لينا هاشم بصحيفة الكرامة مع الفريق أول ياسر العطا وقد وضع فيه سيادته النقاط على الحروف كعادته في الوضوح والحزم وأغلق أبواب التسلل أمام أي محاولات خفية للتفاوض مع من سفكوا دماء الأبرياء وهددوا وحدة الوطن.
حديث الفريق أول العطا لم يكن مجرد تصريحات بل كان موقف دولة ورسالة أمل بعثت السكينة في نفوس كل من لا يريد أن يرى للمتمردين أو أعوانهم موطئ قدم في سودان ما بعد معركة الكرامة.

فقد أكد بوضوح أن لا مهادنة مع من ارتكبوا الجرائم ولا مصافحة مع من دنسوا الأرض التي رويت بدماء الشهداء.

هذا الخطاب الصادق الشجاع هو ما يحتاجه الوطن في لحظات الشك وامتحانات المصير ، ومن رحم المحنة خرجت بطولات ومن أتون الحرب لمع نجم الجيش وكتب ملاحم الصمود في كل مدينة وقرية لقد لقن فرسان الجيش المتمردين دروس قاسية في معنى القتال الحقيقي واستعادوا زمام المبادرة بعد أن كانت بعض المناطق تحت سيطرة الخيانة والتواطؤ، أبناء الجيش الذين تعلموا فنون الشرف والواجب في الكلية الحربية هاهم يبدعون في الميدان ويثبتون أن الوطن لا يحمى إلا بسواعد من نذروا أنفسهم له.

مع هذا التقدم العسكري الكبير يبقى النصر غير مكتمل ما لم يتكامل مع الجهد المدني المطلوب وهنا تبرز الحاجة الملحة إلى إسناد واضح من الجهات القانونية والقضائية عبر تفعيل القوانين وتقديم كل من ساند التمرد إلى العدالة،فكما يحمل الجندي بندقيته في الميدان يجب أن تحمل الدولة قوانينها في مواجهة كل سياسي تواطأ أو تاجر بالدم وكل من تلطخت يداه بدعم المليشيات أو التبرير لجرائمها.

السودانيون اليوم يترقبون انتصاراً حقيقياً لا في الميدان العسكري فقط بل في معركة القانون والإدارة والسيادة يريدون وطناً معافى خالي من الطفيليات السياسية والمليشيوية وطن تسوده سيادة القانون وتطهر ساحته من كل من باع الضمير أو خان الأمانة.

يبقى السؤال هنا هل ستتحرك الجهات المعنية لتفعيل أدواتها أم يستمر هذا البطء المريب وهذا الخنوع غير المبرر؟
فالإجابة هنا يجب أن تكتبها الأفعال لا الأقوال.

ولنا عودة…

مقالات ذات صلة