أضواء ونوافذ … عامر حسن يكتب … السودان بين الإغاثة العاجلة الى التنمية المستدامة: حكومة دكتور كامل ادريس المرتقبة في مواجهة تحديات إعادة الإعمار

مع اقتراب تشكيل الحكومة المرتقبة برئاسة الدكتور كامل إدريس، تزداد التطلعات الشعبية إلى بداية مسار جديد لإعادة البناء المنهكة بفعل الحرب ، واستعادة الخدمات الأساسية في ظل أوضاع إنسانية وتنموية غاية في التعقيد، تتطلب إغاثة وتعزيز الخدمات الاساسيه كحوجة عاجله.
الحديث عن إعادة الإعمار لا يمكن أن ينطلق من مجرد استجابات إسعافية محدودة ولكنها مطلوبه، بل يحتاج إلى رؤية متكاملة تبدأ بالتدخلات العاجلة وتنتقل نحو بناء بنية تحتية قوية ومستدامة، تأخذ في الاعتبار واقع الدمار وتطلعات المستقبل على حد سواء وفي هذا السياق، تبرز الحاجة إلى تأسيس قاعدة بيانات وطنية شاملة لحصر الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية في جميع أنحاء البلاد، بما يضمن توجيه الموارد بشكل مدروس وتجنب المعالجات الجزئية التي قد تؤدي إلى مضاعفة الخسائر لاحقًا.
الفرصة تلوح في الأفق للاستفادة من خلفية الدكتور كامل إدريس الدولية الثرية، والتي يمكن أن تسهم في جذب التمويل والخبرات الفنية من المؤسسات العالمية، غير أن الاستفادة من هذه الميزة تتطلب التزامآ حقيقيآ بتصميم مشروعات الإعمار وفق المعايير الدولية، من حيث الجودة الفنية، الحوكمة، الشفافية، والاستدامة البيئية والاجتماعية ،وبهذه الطريقة تصبح المشروعات السودانية مؤهلة للحصول على دعم من مؤسسات دولية مثل البنك الدولي، والاتحاد الأوروبي، وهيئات الأمم المتحدة.
وما يعزز فرص النجاح هو ربط مشروعات إعادة الإعمار بأهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة ضمن أجندة 2030، والتي تتضمن مجالات تعتبر أولوية قصوى في السودان، مثل التعليم، الصحة، الطاقة، المياه، والبنية التحتية. تبني هذه الأهداف يمنح السودان شرعية دولية وفرصإ تمويلية أوسع، فضلًا عن تعزيز الأثر التنموي للمشروعات على المدى الطويل.
وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى تجربة *ولاية الخرطوم* التي اتخذت خطوة متقدمة في هذا المسار، حيث بادر *الوالي أحمد عثمان حمزة* بتشكيل نقطة الاتصال الوطنية لأهداف التنمية المستدامة بالولاية، وهي آلية رسمية تم تكليفها بإعداد رؤية الخرطوم ضمن التقرير الوطني لتحقيق هذه الأهداف. هذه المبادرة تمثل نموذجآ يحتذى به في دمج الرؤى المحلية مع التخطيط الوطني، وتعكس فهمآ عميقآ بأهمية التناسق بين مستويات الحكم المختلفة لتحقيق نهضة شاملة.
كما أن مراجعة تجارب تنفيذ المشروعات السابقة في البلاد تكشف عن ضرورة تصحيح مسار التخطيط والتنفيذ ،فقد عانى السودان في فترات سابقة من مشروعات غير مدروسة، أو أُنجزت بمعايير ضعيفة، أو افتقرت إلى الرقابة والشفافية، ما أدى إلى ضياع الموارد دون تحقيق الأثر المطلوب ،لذلك فإن الاستفادة من دروس الماضي أصبحت من المتطلبات الأساسية لأي خطة تنموية جديدة، خصوصا إذا كانت تسعى إلى بناء دولة قوية تستند إلى الكفاءة والمساءلة والحوكمة الرشيدة.
ولا يمكن الحديث عن مشروع وطني لإعادة البناء دون الاعتراف بالدور الكبير الذي لعبته المبادرات الشعبية خلال الفترات الحرجة الحاليه التي ألتف الشعب خلف قيادته وجيشه، حيث أظهرت المجتمعات المحلية تلاحمآ فريدآ واستعدادآ عاليآ للمشاركة في إعادة إعمار و هذه الروح يجب أن تستثمر لا فقط كمصدر دعم مادي أو لوجستي، بل كأساس لرؤية تقوم على الشراكة بين الدولة والمجتمع، فحين يشعر المواطن أنه شريك في المشروع وليس مجرد متلقي للخدمة، تنشأ لديه رغبة حقيقية في حماية ما تم إنجازه، ما يضمن استدامة البنية التحتية ويعزز قيم الانتماء والمساءلة المجتمعية.
السودان اليوم على مفترق طرق، ومع تشكيل حكومة جديدة ذات خلفية دولية وخطاب تنموي واعد، فإن التحدي الحقيقي لا يكمن فقط في رفع أنقاض الدمار، بل في بناء نموذج جديد للحكم والتنمية، يقوم على التخطيط العلمي، الشراكة الفاعلة، والمسؤولية الجماعية. الطريق ليس سهلاً، لكنه ممكن، إذا توفرت الإرادة والرؤية الفاعله المتوقعة، التي بالتأكيد ستكون حاضرة بحكومة دكتور كامل إدريس كمرجعيه حكومة كفاءات، وليست محاصصات، فالارادة حاضرة، بالصلاحيات الواسعه التي أعطت له
*31مايو 2025*