من ركام الحرب إلى بناء المستقبل: التدريب المهني شريان حياة السودان! … بقلم: علي وراق

في خضم الدمار الذي خلفته الحرب، وما فرضته من تحديات اقتصادية واجتماعية ونفسية، تبرز الحاجة الملحة إلى التدريب المهني كشريان حياة لمستقبل السودان. لقد أصبحت هذه الحرب المدمرة حافزاً لا يمكن تجاهله لإعادة توجيه بوصلة التنمية، فالنقص الحاد في الكفاءات الحرفية والفنية، وتوقف عجلة الإنتاج، وتشريد الأيدي العاملة، كلها عوامل تؤكد أن نهضة ما بعد الحرب لن تتحقق إلا بسواعد أبنائنا المهرة.

إن إعادة إعمار ما تهدم، وإصلاح البنى التحتية المدمرة، وتشغيل المصانع المعطلة، يتطلب جيشاً من الفنيين والحرفيين المدربين. هؤلاء هم من سيصلحون شبكات الكهرباء والمياه، ويعيدون بناء المستشفيات والمدارس، ويساهمون في تحقيق الاكتفاء الذاتي الذي أصبح ضرورة قصوى. الحرب، بما فيها من ويلات، قدمت لنا فرصة لإعادة توجيه طاقات الشباب نحو مسارات مهنية بناءة، تحولهم من ضحايا إلى فاعلين رئيسيين في عملية التعافي والنمو.

لقد ولّى الزمن الذي كان فيه حلم كل طفل يقتصر على أن يصبح طبيبًا أو مهندسًا. فالمجتمعات لا تُبنى وتزدهر فقط بعقول الأطباء والمهندسين، بل بجهود كل مهني وحرفي ماهر. ابنك الذي يتقن صناعة الأثاث، أو ابنتك التي تبدع في الخياطة والتصميم، أو الشاب الذي يصبح كهربائيًا محترفًا، كل هؤلاء هم ركائز أساسية لنهضة المجتمع واقتصاده. إن المهن الحرفية والصناعية هي التي تضع اللبنات الأساسية للتنمية، وتوفر الخدمات الضرورية، وتحرك عجلة الإنتاج. السؤال: “عايز تبقى دكتور ولا مهندس؟” قد انتهى. السؤال الآن هو: “كيف ستساهم في بناء وطنك بمهاراتك؟”

لنكن واضحين، الحرفيون هم أساس المصانع، فبدون الأيدي الماهرة المدربة على تشغيل الآلات، وصيانة المعدات، وضمان جودة الإنتاج، ستظل المصانع مجرد هياكل جامدة. إنهم الوقود الحقيقي الذي يحرك عجلة الصناعة، وهم من يحولون المواد الخام إلى منتجات تساهم في الاكتفاء الذاتي وتدعم التصدير. المصانع والحرفيون معًا يمثلان وقود الاقتصاد، فكلما زادت أعداد الحرفيين المهرة، زادت قدرتنا على تشغيل المصانع بكفاءة، وابتكار منتجات جديدة، مما يدفع بعجلة النمو الاقتصادي إلى الأمام ويخلق فرص عمل مستدامة.

الاقتصاد السوداني بعد الحرب سيواجه تحديات غير مسبوقة، ولن ينهض إلا بتعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الخارج. هذا لن يتحقق إلا من خلال الاستثمار في التدريب المهني، الذي سيزود الشباب بالمهارات اللازمة لخلق فرص عمل، وبناء مشاريع صغيرة ومتوسطة، وتشغيل عجلة التنمية من جديد. إن تزويد شبابنا بالمهارات والمعرفة اللازمة يعني منحهم الأمل في غد أفضل، وتحويلهم من أدوات للدمار إلى قوى بناء حقيقية.

لذا، فإننا نوجه نداءً عاجلاً للحكومة السودانية: استثمروا في التدريب المهني. اجعلوه أولوية قصوى في خطط التعافي وإعادة الإعمار. خصصوا الموارد اللازمة لإنشاء وتطوير مراكز تدريب حديثة، وادعموا المبادرات المجتمعية التي تعمل على تأهيل الشباب. مستقبل السودان يبنى بسواعد أبنائه، وعبر استثمارنا في قدراتهم الحرفية والمهنية، سنعيد بناء وطننا أقوى وأكثر ازدهاراً.
#اثير_نيوز
#السودان_أقوى_بالتدريب_المهني
#بناء_السودان_يبدأ_بيد_حرفية
#التدريب_المهني_مستقبل_السودان
#نهضة_السودان_بعد_الحرب
#معا_لأجل_السودان

مقالات ذات صلة