د. مبارك الكودة يكتب .. حمدوك قد أنْذَرَ ولا عُذرَ لِمن أُنْذِرَ

د. مبارك الكودة يكتب..حمدوك قد أنْذَرَ ولا عُذرَ لِمن أُنْذِرَ
——————————————-
المتدبر لخطاب الاخ حمدوك يجد أنه عبارة عن رسالة انذار أخير للقوات المسلحة بكلمات وعبارات منتقاة بصورة محكمة ودقيقة وقطعية الدلالة ولا تقبل التأويل ، أوضح حمدوك في خطابه أن الواقع السياسي من الصعب السيطرة عليه وكأنه يقول لابد من تدخل ما !! فأقروا معي فاتحة خطابه وعند اهل اللغة فان الفاتحة والخاتمة هما مضمون الرسالة :

( لقد تابعتم الأحداث الأخيرة في البلاد، والأزمة السياسية الحادة التي نعايشها الآن، ولن أبالغ إذا قلت إنها أسوأ وأخطر أزمة تهدد الانتقال، بل وتهدد بلادنا كلها، وتنذر بشرٍ مُستطير ) وصف حمدوك دون مبالغة منه كما ذكر (لن ابالغ) باننا نعيش ازمة سياسية حادة وهي(أسوأ وأخطر ازمة) تهدد الانتقال والبلاد كلها !! ويجب ان نقف عند عبارة ( البلاد كلها) فهذه مناشدة واضحة لجهات الاختصاص لتدارك الوضع خشية وقوع كارثة امنية في السياسة والاقتصاد ( تنذر بشر مستطير ) ٠

تُري ماذا بقي من النُذر التي تجعل القوات المسلحة بصرف النظر عن رأي بعضنا فيها لكي تتدخل وتستلم زمام الامر ، فقد انذر حمدوك بهذه الكلمات البينات اصحاب الشأن و لا عذر لمن أنذر !! ماذا تريدون من حمدوك ان يقول لكم بعد هذه العبارات والتي تعضدها وهو يتحدث عن المحاولة الانقلابية الاخيرة بهذه الاسطر :

( كانت تلك المحاولة هي الباب الذي دخلت منه الفتنة، وخرجت كل الخلافات والاتهامات المُخبأة من كل الأطراف من مكمنها، وهكذا نوشك أن نضع مصير بلادنا وشعبنا وثورتنا في مهب الريح ) إذاً فهي فتنة توشك ان تضع مصير بلادنا وشعبنا في مهب الريح !! فلماذا الانتظار إذاً ؟ وقد لخص الاخ حمدوك الازمة في جملة حاسمة تقرأ : (جوهر هذه الأزمة التي لا يجب أن تضل أبصارنا عن النظر إليه، هو تعذر الاتفاق على مشروع وطني متوافق عليه بين قوى الثورة والتغيير ) بدأت هذه الفقرة بكلمة ( جوهر ) والجوهر هو حقيقة الشيء وذاته ويعني ذلك ان حقيقة الواقع السياسي هو تعذر الاتفاق علي مشروع وطني ، وكلمة تعذر هنا تعني انه يستحيل ان نتفق !! والذي تعذر عليه الحضور فأنه لن يحضر ، والذي تعذر عليه السفر فإنه قولاً واحداً لن يسافر ، ولذلك أقول ان اختيار هذه المقدمة وهذه الكلمات البينات قد تم بعناية فائقة وتامة !! والنتيجة الاخيرة انه ليس هنالك مشروعاً وطنياً سَيُتفق عليه في ظل هذا الوضع السياسي الراهن ٠

يؤكد الاخ حمدوك بعد تجربته في الحكم ان الامن القومي ضرورة قصوي ولا ينبغي ان تكون هنالك مزايدات مثل القدح والذم الذي نال رجال الامن وهم يقاتلون الجماعات الارهابية في الخرطوم والفقرة التالية تؤكد ضرورة استصحاب هيئة العمليات والتي ظلت مرمي لسهام قحت طيلة العامين الماضيين : ( الاتفاق على أن قضايا مثل الإرهاب والمهددات القومية الداخلية وعلى الحدود أو من خارج الحدود لا يجب أن تخضع لأي نوع من التكهنات أو المزايدات أو الشكوك في النوايا، فما ضرّ بلاداً أخرى هو عرض قضايا الأمن القومي في سوق مفتوحة للتجاذبات والأغراض العابرة )

كما اتفق الاخ حمدوك ان تقرأ الوثيقة الدستورية ( نصاً وروحاً ) فقد ظلت هذه الوثيقة طيلة العامين الماضيين روحاً بلا نصوص ويمكن تجاوز موادها باسم الثورة وبالفعل قد تم ذلك في كثير من نصوصها وها هو حمدوك يعود ويلتزمها ( مرجعية التوافق بين مكونات السلطة الانتقالية هي الوثيقة الدستورية، وهي مرجعية يجب أن تحترم وتنفذ نصاً وروحاً، ويمكن مناقشة كل المواقف والقضايا استناداً على هذه المرجعية ) وبالطبع من أهم نصوصها والتي خرج الناس لاحيائها هو تعيين حكومة الانتقال من كفاءات وطنية ويؤكد فهم هذا النص الموجود في الوثيقة خطابات قادة قحت في منتدياتهم السياسية مثل خطاب الاخ مهندس خالد سلك والاستاذ وجدي صالح وغيرهما فقد صرحوا بانهم اتفقوا ان تكون حكومة مرحلة الانتقال من كفاءات وطنية لا تحترف السياسة ولذلك وجب علينا العوده للوثيقة وهذا مطلب اساس لتظاهرة اليوم السبت ٠

وفيما يتعلق بلجنة تفكيك النظام السابق فقد صرح الاخ حمدوك صراحة بأنه يجب ان يطال الاصلاح هذه اللجنة ( لا بد منه لتفكيك قبضة النظام القديم على أجهزة الدولة وثرواتها، وبالتالي هو هدف لا يجب التراجع عنه، لكن ليس هناك ما يمنع مراجعة طرق ووسائل العمل وضمان حق الاستئناف وتحقيق العدالة ) وهذا هو الذي ظل اصحاب النفوس الحية يطالبون به وهو كذلك مطلب اساس لقحت الثانية ٠

اتمني ألّا يذهب المدلسون إلى أننا نطالب الفريق البرهان ان يستغل الموقف وينصب نفسه رئيسًا علينا ولكنا ندعوا القوات المسلحة باعتبارها المعنية بحفظ الامن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتي هي الآن تحت امرته ان تتدخل لاعادة الامور الي نصابها ولتكمل حكومة الانتقال بمؤسساتها التي نصت عليها الوثيقة مشروعها واجراء الانتخابات وميلاد حكومة مدنية تستند علي دستور دائم للبلاد وكفي الله شعب السودان هذا التسلط باسم الثورة ٠

مبارك الكوده
السبت ١٦ / اكتوبر / ٢٠٢١

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *