ايام من الحياة عبدالسميع عمراني شعراني منسي آخر في رحلة صحراء الربع الخالي.

ايام من الحياة
عبدالسميع عمراني

شعراني منسي آخر في رحلة صحراء الربع الخالي.

بالصحراء الواسعة والصامته والحالمة تعرفت على شاب سوداني من أبناء ام دوم ويدعى (م. شعراني ) هذا الفتى وقد كان قادما من السودان إلى جدة ومنها إلى الرياض عبر عملية تهريب لم تكن تخلو المخاطر والصعاب و المغامرة ، وشعراني يذكرني بالفعل بمنسي الطيب صالح ، فان سبق وقلت ان العم سعيد اشبه بشخصية المنسي عند الطيب صالح فاءن صديقي شعراني هو نفسه منسي بطل كتابات الطيب صالح ، وشعراني رجل حلو المعشر وجميل في خلقه واخلاقه وشهم ، كريم ومقدام وحياته ملأ بالقصص والحكاوي والمغامرات ، هذا بجانب تمتعه بمهارات عديدة ويعود الفضل له في تعليمي الكثير من المهارات منها قيادة السيارة فهو جري ويحب المبادرات وخوض التجارب وقد كان يعمل في معسكر مجاور لنا ، بيد انه صار انيسي في رحلة الصحراء ، كان شعراني مولعا بالمزاح ويحب تدبير المقالب ، وحينما رويت له حادثة أبناء الراجحي اضمر شرا بل كمن تابط شرا تجاهي ليزيد معاناتي وليستمع أكثر بحالة الرعب والتوتر التي عانيتيها ورعب الخوف أو خوف الرعب الذي حاصرني خاصة
بعد تحذيرات أنيسنا ابويمن والذي ذكر لنا أن أولئك الصبية سيعتبرون مافعلته مع احد أبناء الراجحي نوعا من الاستفزاز الشديد من سوداني يعمل في مهنة وضيعة ، اذن فإن انتقامهم سيكون عنيفا وأقلها ستأخذ علقة ساخنة من نوع الإصابات والرضوض والكسور…
الهروب ليلا من المعسكر كان الملاذ الآمن بالنسبة لي فاخترت قضاء الليل كله خارج المعسكر ولا أعود إلا مع تباشير الصباح الأولى وذلك تجنبا لتداعيات غضبة أبناء الشيوخ السعوديين وتحاشيا لعملية مداهمة ليلية قد لا أعرف نتائجها .
وذات يوم وحين عودتي إلى المخيم مع خيوط الفجر الأولى وجدت رسالة على مدخل الخيمة التى كنت قد اتخذتها مقرا لاقامتي وكانت الرسالة موضوعة على المدخل بعناية فائقة ..تناولتها ودلفت إلى داخل الخيمة وراسي يكاد ان ينفجر من هول المفاجأة بل الرعب ..من يراسلني في هذا الخلاء وفي هذا التوقيت الموحش…بدات التهم سطورها ب؛ غفر وخوف وبالفعل كانت الرسالة عبارة عن تهديد ووعيد وتحذير بل مليئة بالشتائم القبيحة و تتضمن تذكيرا بفعلتي الشنيعة أى المزاح العنيف بالعربة مع الشاب السعودي وكنت قبل ذلك بليلة قد حاولت بطريقة ساذجة أن ادهس احد أبناء الشيوخ بالعربة بظن انه حسين الباكستاني صديقنا الذي يعمل في معسكر مجاور .
والرسالة مكتوبة بلهجة سعودية دارجة متقنة حتى ان الختام كان تهديدا شديدا وآخر الكلام يا (زق) ولمن لايعرف الدارجة السعودية فإن زق تعني البراز …ولم أشك ابدا في ان الرسالة هي مقدمة للهجوم العنيف من قبل الشباب للسعوديين وبعدها انتابتني حالة زعر شديدة وعلى الفور
هربت من خيمتي باتجاه المعارف والاصدقاء للاحتماء بهم وتلوت على مسامعهم الرسالة ولاحظت ان ردود الفعل عندهم كانت عادية حتى ان احد أبناء كسلا وهو ادروب خفيف الظل صار يضحك فهاجمته مستفسرا هل هنالك مايضحك وطلبت منه ان ياخذ الموضوع بجدية فقال لي ساخرا يا اخي ولاتخاف ولا شيء دي مقالب شراني… امس العصر كتب الرسالة أمامنا وقال عايز يدبر لك مقلب ..
تنفست الصعداء ولكن الطمأنينة لم تزل بعيدة عن قلبي قصرت احسب الساعات وذلك انتظارا لقدوم الأمير حتي احكي له ماحدث ويمكن أن يبعث بشخص الي مخيم أبناء الشيوخ وينهي الموضوع معهم ..والواقع أن الوضع لدي الشباب السعوديين كان مختلفا وحسب المعلومات التي كان يرفدنا بها اليمني انهم بالفعل قد عزموا على مهاجمة الحارس السوداني ولكنهم استفسروا عن المخيم فعلموا انه يتبع للامير تركي ولذلك احجموا عن الهجوم ولكنه ذكر انهم سيترغبون وصول الأمير للشكوى واستغلال الحادثة للتعرف على الأمير وربما مصادقته اذن التكتيك اختلف …وبعد أن علمت بتلك المعلومات الجديدة والمؤكدة عدت إلى المخيم ولكن كنت افضل العودة في وقت متأخر برفقة بعض الأصدقاء وذلك تحاشيا وتجنبا لبعض وحوش الصحراء.
انقضى الأسبوع وجاء الأمير يوم الجمعة إلى المعسكر بكل طاقمه حاشيته.
نواصل باذن الله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *