علاء الدين محمد ابكر يكتب .. ضرورة ايقاف (ثمرات).. لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطادها

علاء الدين محمد ابكر يكتب ✍️ ضرورة ايقاف (ثمرات) لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطادها

_______________

لمحة تاريخية

في عام ١٩٧٣ زار الرئيس الزائيري أنذاك الجنرال موبوتو سي سي سيكو موريتانيا لمدة ثلاثة أيام والتي تتعبر من أفقر بلدان القارة الأفريقية واقتصادها يعتمد على صيد الأسماك و الزراعة و الرعي وأثناء المباحثات في الايام الثلاثة لاحظ الرئيس الزائيري أن مضيفه الرئيس الموريتاني الراحل المختار ولد داداه ( ١٩٦٠ – ١٩٧٨ ) يرتدي بدلة واحدة لم يغيرها طيلة الايام الثلاثة أدرك الرئيس موبوتو أن مضيفه لا يملك المال الكافي لشراء البدلات الانيقة و الباهظة الثمن من دور الازياء الراقية في باريس وعند اختتام زيارته وفي صالة المغادرة في مطار نواكشوط سلم الرئيس الزائيري موبوتو شيك بمبلغ خمسة ملايين دولار لسكرتير الرئيس الموريتاني المختار ولد داداه لكي لا يحرج مضيفه و أعطى السكرتير عناوين أشهر مصممي الأزياء في العاصمة الفرنسية والتي يحيك موبوتو بدلاته عندهم لكي يحيك للرئيس الموريتاني المختار ولد داداه قمصان و اربطة عنق و بدلات رسمية من أرقى أنواع الاقمشة في تلك دور الازياء الراقية … وبعد توديع الرئيس الزائيري سلم السكرتير للرئيس الموريتاني شيك الخمسة ملايين دولار و قال للرئيس انها هدية من الرئيس موبوتو لك لكي تشتري بها بدلات و البسة من باريس استلم الرئيس ولد داداه الشيك و سلمه لوزير المالية الموريتاني لكي يضعه في حساب الدولة ولاحقآ و من مبلغ خمسة ملايين دولار هدية الرئيس الزائيري تم بناء و تجهيز المدرسة العليا لإعداد الأساتذة و المعلمين في موريتانيا التي كانت تعاني من نقص في شديد في إعداد الأساتذة و المعلمين بسب الفقر و الجهل و التخلف و بعد خمس سنوات أي في العام ١٩٧٨ توقف الرئيس الزائيري في المغرب قادمآ من زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية استمرت لاسبوع وما ان علم الرئيس الموريتاني المختار ولد داداه بتوقفه في الرباط إلا وان اتصل به ودعاه لزيارة موريتانيا اعتذر موبوتو ولكن بعد الحاح ولد داداه وافق على أن تكون زيارته قصيرة و في الطريق من المطار إلى القصر الرئاسي لاحظ موبوتو أن لافتات مكتوبة باللغة الفرنسية تزين الشوارع في الطريق مكتوب عليها شكرآ زائير شكرآ موبوتو شكرآ على الهدية ؟؟؟؟ وقبل أن يصل الموكب الرئاسي إلى القصر توقف في مدرسة إعداد الأساتذة و المعلمين و ما أن ترجل موبوتو من السيارة حتى استفسر و سأل بتعجب ولد داداه عن الهدية التي يشكرني عليها الشعب الموريتاني فإنا قد وصلت قبل ساعة إلى نواكشوط وللأسف لا احمل هدايا معي ؟؟؟
عندئذ ابتسم الرئيس ولد داداه بابتسامة عريضة وقال هذه هي هديتك القيمة فبمبلغ خمسة ملايين دولار التي قدمتها لي قبل خمس سنوات بنينا منها مدرسة لإعداد الأساتذة و المعلمين والتي الشعب بامس الحاجة إليها لكي نحارب الامية و التخلف و الجهل و الفقر فعانقه موبوتو وقال له أن لو قدر أن يكون باقي الزعماء الافارقة مثلك لكانت قارتنا لا تعاني من الامية و الجهل و الفقر و التخلف و قال ولد داداه لضيفه انني استلم راتبآ شهريآ من خزانة الدولة و لا اعمل بلا أجر و هذه الهدية منك لشعب موريتانيا اما مظهري و هندامي لا يجوز أن يكون من أرقى المناشئ وبيوت الازياء العالمية و شعبي يعاني من الامية و الجهل و التخلف و الفقر ولأنه بالعلم يستطيع أن يقضي على تلك الافات و المعوقات

(انتهت القصة)

ان علاقة القصة اعلاه بموضوعنا التالي هي حرية التصرف والاستقلالية في اتخاذ القرار الذي يفيد البلاد حيث تجد عزيزي القارئي ان في مضمون القصة ان الرئيس الموريتاني الراحل المختار ولد داداه فضل عدم الاستفادة من المبلغ المقدم له من صديقه رئيس جمهورية زائير السابقة كهدية شخصية ليحولها الي اقامة مشاريع تنموية لخدمت العديد من المواطنين ولم يسعي الي ارضاء رئيس جمهورية زائير السابقة الذي لم يقبل بان يرتدي صديقه رئيس جمهورية موريتانيا ملابس متواضعة حيث قدم الي مدير مكتبه شيك بمبلغ دولاري حتي يتمكن الرئيس الموريتاني من شراء افخم الملابس والبدل من باريس مركز الاناقة العالمية وتلك الحداثة قريبة من مشروع (ثمرات) الذي كان باقتراح من البنك الدولي لمعالجة اثار رفع الدعم الحكومي عن الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين و( ثمرات ) هو عبارة عن برنامج لدعم الأسر السودانية على أن تقوم الحكومة، بدفع ما يعادل مبلغ خمسة دولارات شهرياً (حوالي 2000 جنيه سوداني) لكل فرد من الأسر المستهدفة أي نحو 32 مليون مواطن من إجمالي عدد السكان البالغ عددهم 44 مليوناً
ويستمر البرنامج بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي لمدة 12 شهراً، يتأهل خلالها السودان للحصول على مزيد من القروض والتمويل من المؤسسات المالية الدولية إلا أن برنامج دعم الأسر السودانية يواجه عددا من العقبات الفنية وفي مقدمها المشكلات التقنية للخدمات كالهاتف النقال والخدمات المصرفية في بعض المناطق البعيدة، التي لا تصلها خدمات شبكة الإنترنت
اضافة الي عدم وجود قاعدة بيانات واضحة لمعرفة من هم المستحقين فعلا فان ذلك التجاهل في عدم ضبط واجهات الصرف يفتح مجالاً للفساد في عمل هذا النظام ما يجعله يشكل عبئاً على الاقتصاد السوداني ويمنع الأسر المستحقة من الاستفادة من المشروع وفي ظل الارتفاع في أسعار السلع الاستهلاكية الذي كان له بالغ الأثر على الفقراء وذوي الدخل المحدود، والذين تقدر نسبتهم بـ 80 بالمئة من السكان تقريباً كان يمكن للسيد حمدوك الاستفادة من مبالغ مشروع ( ثمرات ) هذه في احداث ثورة تنموية في مشاريع الامن الغذائي وذلك باقامة مشروع امن غذائي لكل محلية ليساعد علي سد حوجتها من الخضر والفاكهة بزراعة اكبر رقعة زراعية فيها وانشاء مزراع لتربية الابقار والضان وتربية الدواجن واستزراع الاسماك وذلك لضمان حصول كل مواطن في مايحتاج من حليب ولحوم بكافة انواعها ( حمراء كانت او بيضاء ) و توفير الاسماك مع استثناء السيارات العاملة في قطاع المواصلات العامة من رفع الدعم حتي تسهل علي التجار سهولة النقل من المزراع الي الاسواق بكل سهولة ويسر اضافة الي تكفل الحكومة بانتاج الخبز عبر مخابز حكومية تكون في شكل مراكز ضخمة لكل محلية تحت اشراف صحي يضمن سلامة وكفاءة المنتج من الخبز وبالنسبة لغاز الطبخ فان علي الحكومة العمل علي توحيد جميع شركات الغاز تحت مظلة شركة واحدة قابضة تعمل كمساهمة عامة لتسيهل حركة النقل والتوزيع ليكون شكل وشعار اسطوانة الغاز موحد وبسعر موحد لايتجاوز مبلغ الف جنية للاسطوانة والاستفادة من الاموال المستردة عبر لجنة ازالة التمكين في صيانة وتاهيل المدارس والمستشفيات الحكومية والاهتمام بالصحة العامة ونظافة المدن بجلب سيارات اضافية لنقل النفايات ورفع رواتب العاملين فيها وتجويد عملهم بمعادات وملابس خاصة حتي تساعدهم علي العمل وفي مجال الامن ينبغي الاهتمام ضرورة الاهتمام بالانتشار الشرطي في كافة انحاء المدن السودانية لكبح جماح الجريمة وتحسين رواتب افراد الشرطة وتاهيل السجون حتي تستطيع استقبال كل مجرم قد ينحرف عن جادة الطريق يريد تهديد امن المجتمع والاهتمام بالشباب بتوفير فرص العمل لهم والاهتمام بالرياضة فالجسم السليم في العقل السليم فالفراغ يقود الي الفوضي والانحراف وهناك العديد من الافكار التي كانت يمكن تجعل المواطن يشعر بتغير حقيقي عقب الثورة ولكن بكل اسف لم تحدث اي مبادرة حقيقية من السيد حمدوك نحو هموم وقضايا الشعب فالسيد حمدوك كان مغتربا بعيد عن السودان لسنوات طويلة ولايعرف كيف يعيش الناس في ظل ظروف صعبة مع الفقر والبطالة والمرض ولا يعرف شي عن اسعار المواد الغذائية لذلك يظن ان مبلغ 2000 جنية قادر علي مساعدة الفرد للعيش لفترة شهر كامل وهو في الحقيقة مبلغ لايضمن لك وجبة يوم واحد دع عنك المواصلات والتي ارتفع سعرها الي مبلغ كان قبل سقوط نظام البشير يعادل راتب شهر كامل فلايعقل ان تدفع انت كمواطن محدود الدخل اكثر من الف جنية يوميا ذهابا وايابا الي منطقة وسط العاصمة للعمل هناك هذا غير قيامك بتناول وجبة الافطار التي باتت تكلف الان مبلغ لايقل عن خمسمائة جنية فالمواطن السوداني يعاني في صمت والحكومة تظن انها تحسن صنعا فهناك المرضي واصحاب الامراض المزمنة وذوي الاعاقة وكبار السن والاطفال والايتام والارامل كل هولاء هم تحت مسؤولية حكام البلاد من عسكر و مدنيين يوم لاينفع مال ولابنين الا من اتي الله بقلب سليم
سوف يشهد التاريخ علي ان ايقاف الدعم الحكومي يعد خزلان وغدر بالشعب واكبر عقاب جماعي لشعبنا الذي خرج في ثورة ديسمبر ينشد التغير الي الافضل ليجد نفسه يعيش واقع مرير فرض عليه من حكومة تريد تطبيق برامج وافكار لا تتناسب مع ظروفهم المعيشية ان مشروع (ثمرات) لا يسمن ولايغني عن جوع ولن يكون ابدا بديلا عن الدعم الحكومي الذي كان في الماضي يشمل دعم العلاج والدواء والمواصلات العامة والخبز والكهرباء والمياه وغاز الطبخ فعندما سقط نظام البشير كان ثمن دواء السكري وهو من الامراض المزمنة لايتجاوز سعر الخمسين جنية فقط في صيادليات ادارة التامين الصحي والمواصلات العامة كانت في البصات الحكومية المدعومة لاتكلف الا سعر ثلاثة جنيهات وقطعة الخبز كانت بسعر واحد جنية واحد فقط واسطوانة غاز الطبخ لاتكلف الاسرة الا مبلغ سبعين جنية ومع تطبيق رفع الدعم عن الوقود انعكس ذلك علي اسعار المواد الغذائية فصار التاجر مجبر علي رفع اسعاره بعد ان ضاعف اصحاب السيارات رسوم الترحيل بسبب ارتفاع اسعار الوقود فصار سعر اللحوم والخضر والفاكهة والحليب والذي ارتفع الرطل منه من سعر عشر جنيهات عند سقوط النظام البائد الي سعر فلكي كان يسمح في الماضي بشراء بقرة حلوب وغيرها من الاحزان التي يعيشها المواطنين خاصة الفقراء والمساكين منهم فقد كانت الشعارات المرفوعة ابان اندلاع الثورة هي الدعوي بتطبيق العدالة الاجتماعية بعد استرداد اموال وعقارات ازلام عناصر النظام البائد لتكون تحت خدمة مصالح الشعب بدلا ان تكون في جيوب الافراد ولكن بكل اسف اتت الحكومة التي خلفت نظام الكيزان بحجة واهية وهي بان البلاد لاتملك المال الكافي لادارة الدولة و لاسبيل امامهم الا باتباع سياسة اقتصادية تهدف إلى انتشال البلاد من ذلك الوضع الحرج
وان البنك الدولي اشترط عليهم لاجل تقديم حزم اضافية من المساعدات المالية بان تقوم الحكومة بايقاف الدعم الحكومي عن الشعب علي ان يدفع لهم عبر البرنامج المسمي ( بثمرات ) دعم شهري ليكون بديلا عن الدعم الحكومي ولكن بكل اسف لم يستفيد الفقراء والمساكين من ذلك الدعم وذلك يرجع الي اسباب عديدة منها ضعف اعلام المشروع بحيث لم يعرف العديد من الناس في اصقاع البلاد عن خبر هذا المشروع اضافة الي عدم وجود قاعدة بيانات واحصاء ومسح ميداني لمعرفة من هو الشخص المستحق فعلا فهناك العديد من اصحاب الضمائر الميتة من ذوي الدخل الممتاز سجلوا اسماءهم في كشوفات البرنامج ونالوا ما لا يستحقونه من دعم كان اولي به الفقراء والمساكين بالرغم من ضعف المبلغ المرصود للفرد لذلك اتمني من الحكومة ايقاف برنامج (ثمرات ) هذا علي ان تحول المبالغ المرصودة له الي صالح انشاء مشاريع امن غذائي تخدم المواطنين لسنوات قادمات والمثل الصيني يقول
( لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطادها)

المتاريس
علاء الدين محمد ابكر
Alaam9770@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *