حديث المدينة .. عثمان ميرغني .. طريقة المدرب “بيب غوارديولا”

حديث المدينة
عثمان ميرغني
طريقة المدرب “بيب غوارديولا”

كنت أشاهد مباراة بين فريق “باريس سان جرمان” بهجومه الضارب “ميسي” و”نيمار” و “مبابي” أبرز نجوم كرة القدم في العالم.. ضد فريق “مانشستر ستي” بحفنة لاعبين أقل كثيرا في سماء النجومية .. ومع ذلك كانت تفاصيل المباراة تكشف المسافة الفاصلة بين الاعتماد على النجوم والتعويل على الرؤية و الخطة والتكتيك.
الاسباني “بيب غوارديولا” مدرب فريق “مانشستر ستي” ينظر إلى اللعبة كرقعة شطرنج، لا يهم “وزن” القطعة التكتيكي في مقابل “المهام” المطلوبة على مستويين، الاستراتيجي البعيد، والتكتيكي القريب.
ففي لحظة يصبح الفريق كله مهاجما – بما فيه حارس المرمى- وفي أخرى يرتد الفريق كله مدافعا، وفي الحالتين يصنع قرار الكر والفر “خوارزميات” المباراة لا تخصص اللاعب وموقعه في الملعب..
في السودان؛ نحتاج لطريقة المدرب “غوارديولا” ليس في الرياضة – فللرياضة رب يحميها – بل في السياسة وادارة الدولة..
لا نحتاج لنجم لامع ليحرز الهدف، بل لهدف لامع يحرز نجمة الانجاز.. كيف؟ سأقول لكم..
في منهج التفكير الهيكلي Structural Thinking تحدد الأهداف أولا ثم ترسم الوسائل المؤدية إليها.
لنأخذ مثالا في الوقت الراهن، الأزمة السودانية في المواجهة بين من يؤيدون اتفاق البرهان-حمدوك ومن يرفضونه ويطالبون بفض الشراكة مع العسكريين.
الشارع السوداني في أغلبه منحاز أو على أقل تقدير متعاطف مع المجموعة الثانية، ربما رد فعل طبيعي لقرارات 25 أكتوبر 2021 التي يعتبرها الكثيرون نقضا لمواثيق الشراكة التي سُجلت رسميا وشهد عليها العالم في “الوثيقة الدستورية”.
و رغم شعبية د. حمدوك الطاغية إلا أن غضب الشارع يكاد يجرفها كالسيل المندفع من علٍ.
في يد د. حمدوك رئيس الوزراء الانتقالي أن يستخدم منهج المدرب “غوارديولا”..اللعب بالمهام لا بالنجوم..
يحدد الأهداف التي يريدها الشارع السوداني.. ثم يرسم المسار المفضي اليها فلا تحتمل رقعة الشطرنج إلا من يتحرك في الاتجاه الصاعد لتحقيق المهام.
نضرب مثلا.. المسيرات المليونية تطالب بفض الشراكة.. لا أحد من حقه أن يقول للشعب لا تطالب ولا ترفع صوتك.. لكن كيف تتحقق مطالب الشعب؟ هنا يتدخل المدرب ” حمدوك غوارديولا”.
حسب خطة “غوارديولا”؛ المطلوب اللعب بطريقة لمس الكرة لا الاحتفاظ بها، لتحقيق أعلى فعالية في استخدام طاقة اللاعب للفعل المنتج بدلا من الجري بلا طائل..
حسب الوثيقة الدستورية، وجود المكون العسكري في السلطة مؤقت بعمر الفترة الانتقالية..بما يعني أن ما تبقى من الزمن هو سنة ونصف في حال الانتخابات يونيو 2023 ، وسنتان في حال الانتخابات بداية 2024.. تلك هي أقصى مدة متاحة لعمر الشراكة بين المكون المدني والعسكري.. ما تبقى من زمن المباراة.
ماهي الأهداف والغايات التي يريدها الشعب السوداني؟
هنا لابد من رسم الخط الفاصل بين الهدف و والوسيلة.. هياكل الحكم هي في حيز “الوسيلة”، فما هي الغاية المطلوبة؟
الغاية هي (حياة كريمة في وطن كريم).. والمطلوب تحديد الوسائل التي تفضي لتحقيق هذه الغاية..
منهج اللعب يعتمد على فتح المسارات المفضية لهز الشباك واحراز الأهداف بالتعويل على المهام لا الأفراد..
فتبدأ الخطة بتحديد المهام، ثم تصميم الخوارزميات التي تدير الحركة بأعلى كفاءة لتحقيق الأهداف..
أعتقد الفكرة واضحة..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *