مقال استوقفني أسماء جمعة تكتب : جريمة بسيارة رسمية

الخرطوم- اثير نيوز
واحدة من أعقد الأزمات التي تركها لنا النظام المخلوع بفعل سياسات الإفقار والاستعباد التي انتهجها، هو أنه أنتج لنا نسبة كبيرة من المواطنين الفاسدين الذين امتهنوا السرقة والكذب والاحتيال يستفيدون من أية فرصة تلوح أمامهم، كما ترك لنا آخرين هم عبارة عن مشاريع لفاسدين يمكن أن ينجرّوا بسهولة لعالم الفساد الذي يمسك بتلابيب البلد، لذلك نتحدث دوما عن ضرورة الاستعجال في معالجة الأزمات الاقتصادية وتوفير الحياة الكريمة للناس ومحاربة الفوضى في مؤسسات الدولة، حتى تقفل الأبواب أمام جيوش المجرمين الذين يتكاثرون كل يوم ويجدون لأنفسهم المبررات دون خجل، خاصة في مؤسسات الدولة التي تضربها الفوضى، حيث يعتبر الأمر فرصاً تلوح ويجب استغلالها وبلا شك المال السايب يعلم السرقة.
بالأمس نقلت صحيفة الانتباهة أن السلطات ألقت القبض على سائق وزيرة المالية، بسبب سرقة مصنع حديد شهير بالخرطوم، وكشفت صحيفة الانتباهة الصادرة، الثلاثاء، عن استخدام السائق لسيارة الوزيرة في فتح الطريق لآخرين قاما بسرقة المصنع، واستخدم (السرينة) المعلّقة بالعربة في فتح الطريق، وأوضحت الصحيفة أنّ السائق تمّ تعيينه مؤخرًا، وأنّ التعرّف على الجناة تمّ بواسطة كاميرات المراقبة في المصنع المسروق.
سائق وزيرة المالية هو نموذج لعدد من السائقين والعاملين في مؤسسات الدولة المختلفة الذين يستغلون سياراتها الرسمية في مثل هذه العمليات الإجرامية ولا أحد يراهم حتى يقعوا في يد الشرطة بعد عشرات العمليات، وقد شهدنا حوادث كثيرة استغل فيها السائقون سيارات الدولة منهم من رحّل بها مخدرات، والسبب هو عدم وجود رقابة صارمة تحدد مسار سيارات الدولة وضعف الإشراف عليها، وبلا شك هذه ليست المرة الأولى التي يرتكب فيها هذا السائق هذه الجريمة، فهو كررها كثيراً ولم يتم اكتشافه فاطمأن وتمادى، ربما ارتكبها في أماكن أخرى لم تكتشف أو اتهم بها أبرياء وهم الآن يدفعون الثمن، وفي هذه الحادثة لولا كاميرات المراقبة لاتهم بها العاملون.
السؤال الذي يطرح نفسه؛ كيف استخدم هذا السائق عربة الوزيرة ومتى، وكيف وجد هذه الجرأة ليفعلها، بلا شك غير مسموح لسائقي سيارات الوزراء وغيرهم من المسئولين أن يتحركوا بدون المسؤول وممنوع تشغيل (السرينة) ومعلوم أن تحرك السيارة بغرض الصيانة أو النظافة محدد الزمان والمكان، ولكن ما شجع السائق هو غياب الرقابة اللصيقة وربما منح ثقة هو ليس أهلاً لها.
السؤال الأهم من كل هذا كيف تم اختيار السائق، فالخبر يقول إنه اختير مؤخراً أي أنه جديد، فهل اختير بمعايير شفافة وشروط صارمة، أم أنه جيء به على طريقة اختيار الوزراء لناسهم ليكونوا حولهم، وحقيقة من يقومون بمثل هذه الخيانة غالباً هم ناس المسؤولين.
عموماً ما يهمنا الآن هو أن يمضي القانون على هذا المجرم الخطير حتى ولو كان قريب الوزيرة وعلى الجماهير متابعة القضية حتى لا يتم تضليل العدالة، والأهم من كل هذا نتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت الى بقية الوزراء والمسؤولين والقائمين على سيارات الدولة وأملاكها في كل المؤسسات، فهذا نموذج صغير من نماذج أعظم دفنت ولم تخرج للناس حتى في عهد هذه الحكومة التي حرمت عليها شريعة الثورة أن (تخليها مستورة) كما هو الحال في فقه النظام .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *