بري    …. ايقونة الخرطوم

الخرطوم _ أثير نيوز

       ضاحية بري او مدينة البراري فسيفساء التاريخ الإنساني  في الحاضرة  الخرطوم، ولوحة التشكيل الجغرافي والقبلي لكل السودان ، مدينة القرية وقرية المدينة ، حورية النيل الأزرق الوادعة ، من دخلها فهو أمن ومن تركها فهو نادم . فدخل بقدمك اليمني أنك بالوادي المقدس بري .

اصل الاسم :

  أهل بري لا يستخدمون اسم البراري كثيرا وهي  جمع لإحياء بري ،فهم  يعشقون اسم  بري ،فعندما أنشئ نادي بري العريق لم يطلق عليه اسم نادي البراري ، إنما سمي  بنادي بري الرياضي، واذا سألت أحد مواطني بري من أين أنت ؟ يجيبك بكل فخر  (انا من بري) ولعمري هذا عشق فريد.
(( من يسكن  بري حتما سيعشقها … ومن يعشق بري حتما ستسكنه ))

بري في اللغة
بري من برى السهم يبريه بريا، وبرى الخشب نحته ، والبرى التراب (من الارض) والبر هو القمح ومفردها برة ، والبر هو الخير والفضل، والبر خلاف البحر، يقول د. عون الشريف قاسم في مؤلفه قاموس اللهجة العامية في السودان الطبعة الأولى 1972م الصفحة رقم  (86) : بر ضد البحر ومن امثالهم الفي البر عوام.
اختلف المؤرخون في تحديد أصل اسم بري فقد ذكر د. محمد إبراهيم ابو سليم في مؤلفه تاريخ الخرطوم : (واصل اللفظ هي البر نسبة الي أن المنطقة تعتبر البر الجنوبي لسكان جزيرة توتي ثم اضيف إليه الحرف الياء لسهولة النطق .)
أما د. عون الشريف قاسم فلم يعرف  لاسم بري أي معنى !!! ولكنه رجح ان يكون نوبي ،لذلك ذكر في موسوعته للقبائل والأنساب في السودان الطبعة الأولى 1996  الجزء الأول الصفحة رقم (275) ((بري : مكان شرق الخرطوم لا يعرف معنى الاسم ولعله نوبي )) كما انه د.عون قد تحدث  في نفس الصفحة أعلاه بنفس الموسوعة  عن حي بري اللاماب ونشأته …وحي آخر بري الشريف ، والمعروف أن بري اللاماب وبري الشريف اسمان لمسمى واحد ( حي واحد)، كما سنبين لاحقا . ولعل العالم الجليل لم يعطي بري حقها من البحث الذي تستحقه ،الا ان هذا لا يقدح في علمه وفي ما قدمه للسودان ،فله الرحمة بقدر ما قدم من علم غزير وجليل.
أما الشيخ عبد اللطيف المشرف فقد ذكر في كتابه مدينة البراري. .الأسر والأنساب ، الطبعة الأولى 2013م وفي الصفحة (21) : ((بري كانت تبر الناس وأنها باره و رخية وقال فيها الشيخ العبيد ود بدر: {بري التبري البشري المابضري } ومع اختلاف الروايات في اسم بري فإنني أميل الي الرأي القائل بأنها تقع علي ضفاف النيل الأزرق. .وهذا يسمى بالبر فسميت بري ..وهذا أرجح الآراء.

المكونات الجغرافية لبري

       تتكون ضاحية بري او مدينة البراري من ثمانية احياء هي :
1/ حي بري المحس .
2/ حي بري الدرايسة.
3/ حي بري أبو حشيش.
4/ حي بري اللاماب  (بري الشريف ).
5/حي قاردن سيتي.
6/ حي كوريا .
7/ حي الصفا.
8/ حي امتداد البراري  (امتداد ناصر ).
كل حي من هذه الأحياء جدير بان يفرد له كتاب خاص به .

اهم معالم بري :

      بري مدينة عريقة ضاربة بجذورها في أعماق  تاريخ الحضارة السودانية منذ نشأتها الاولي وحتي اليوم، حيث تطورت معالمها وتعددت بتطور الحياة وتقدمها ، ومن أبرز معالم بري ، علي سبيل المثال لا الحصر، نادي ومستشفى الشرطة ، مدرسة عبيد حاج الأمين الأساسية والتي أنشأت قبل أكثر من مائة عام مما يدل علي عراقة التعليم في هذه المنطقة ، ومعرض الخرطوم الدولي ، مستشفى رويال كير، نادي بري الرياضي، نادي كوريا الثقافي الاجتماعي، نادي امتداد ناصر الرياضي، مدرسة بري الثانوية العليا والتي كانت تسمى مدرسة بري الأميرية المتوسطة ،نادي بري اللاماب الثقافي الاجتماعي،الفلل الرئاسية ،  ابراج الأمراء، نادي وادي النيل الرياضي، سرايا الشريف يوسف الهندي، برج الاتصالات. والكثير من المعالم الحضرية التي لا نستطيع احصاءها في هذا السفر القصير .

طبيعة الحياة الاقتصادية و الاجتماعية في بري:

      بري حباها الله بمناخ معتدل تصلح فيه زراعة كافة أنواع النباتات ،وقد كانت من اهم مناطق الزراعة في تاريخها القديم، حيث كانت سواقي بري ترفد أسواق الخرطوم بمختلف انواع الخضروات قبل ان تتحول الي غابات اسمنت وابراج ، وتحول جروفها الخصبة الي طرق أسفلت ومباني .
تعتبر بري بمثابة  فسيفساء مصغرة لتاريخ الخرطوم ، فكل مكعب في هذه اللوحة يحكي مشهد من مشاهد التاريخ الانساني منذ الحكم التركي السابق،وحكم المهدية الدولة الوطنية الاولي،  ثم الاستعمار الانجليزي الذي كانت بري احدي معاقل النضال الوطني فيه وبوابة المقاومة الشرقية للخرطوم بقيادة الشريف يوسف الهندي وعبيد حاج الأمين ويقية العقد النضيد من المناضلين الشرفاء.

          شكلت بري لوحة تشكيلية متناغمة متجانسة لجل قبائل السودان ومكوناته الجغرافية ، من أقصى شمال السودان الي وسطة حتي جنوبه ومن غربه الي  شرقه ، عاشوا معا في سلام اجتماعى ومودة حتى أصبحوا  جميعا (( اولاد بري ))
وبري قرية المدينة ومدينة القرية، فاهلها مازالوا يحملون أخلاق القرية السودانية الأصيلة من كرم وشهامة ومرؤة لذلك ما من شخص يسكن بري إلا وأحس انه من أهلها ونادرا ما يتركها من يعيش فيها لفترة طويلة .وعندما تكونت  الخرطوم الاولي من مجموعة من القري ، كانت بري هي الأقرب جغرافيا الي سكنات الجيش التركي ومن بعدة الجيش الانجليزي فأخذ عنهم أهل بري حضاراتهم الإيجابية  وتعلموا منهم ثقافة الطعام والملبس و  الموسيقي والرياضة فكانوا أول من لعب كرة القدم وبرزوا فيها أمثال (كوشيب) ،كما تعلموا منهم اللغة الإنجليزية وتحدثوها بطلاقة فكنت ترى  بعض شيوخ بري يتحدثون الإنجليزية دون ان يكتبوها  .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *