هل تكون المبادرة الاممية آخر المطاف؟!

الخرطوم اثيرنيوز
تقرير سوسن الحساني

يلاحظ المهتمون بالشأن السوداني تعقيد الساحة السياسية واستحكام الازمة وبلوغها قمة اكتمال سفورها عند قرارات الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي لتصبح اكثر تعقيدا حتي توقيع رئيسي مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين الاتفاق الاطاري الذي كان مقصودا به تنفيس الاحتقان الذي لازم المشهد السياسي بالبلاد الا انه لم يزد علي ان اضفى مزيدا من تأجيج الصراع بل اخرج حمدوك من دائرة الحياد والمقبولية لدى قطاع جماهيري واسع كان ييري فيه ايقونة المدنية!

دخلت البلاد بعد استقالة رئيس مجلس الوزراء الانتقالي عبدالله حمدوك في حالة من الانسداد السياسي التام فضلا عن ضغط الشارع المتصاعد في حراكه الرافض لمجمل التغييرات التي تمت منذ قرارات قيادة الجيش في اكتوبر وتعددت المبادرات المحلية والدولية والاقليمية من اجل الوصول لتوافق يعمل علي فك الاختناق السياسي ويسهل عمل الحكومة ودولاب الدولة وقامت ايضا الوساطات من جهات عدة احزاب وشخصيات وهيئات اكاديمية وخلافه خاصة بعد توقيع الاتفاق الاطاري في الواحد والعشرين من نوفمبر بين (حمدوك والبرهان) وكلها لم تجد القبول او النجاح في إحداث التوافق المطلوب لإخراج البلاد من ازمتها السياسية المستحكمة! وفشلت كل الحلول المحلية ايضا في اختراق المشهد السياسي المأزوم بالبلاد! وذهبت جميع تلك المبادرات والوساطات ادراج الرياح امام تمترس الاطراف السياسية في مواقفها الصفرية ووصلت البلاد الي مايشبه توازن الضعف مابين الفرقاء واصبحت قاب قوسين او ادنى من التفتت والانزلاق نحو الفوضى والانهيار والتلاشي مع تفاقم الازمة الاقتصادية التي طحنت المواطن وزادت من معاناته بصورة كادت ان تخرج اكثر من تسعين في المائة من سكان البلاد الي دائرة الفقر والعوز والحاجة!

ثم اعلنت الهيئة الاممية علي لسان ممثل الامين العام رئيس البعثة الاممية بالسودان “بيرتس فولكر” انطلاق عملية لتسهيل المشاورات بين اصحاب المصلحة الحقيقية للوصول الي صيغة تسوية تجنب البلاد المزيد من التفتيت والانقسام ليبرز التساؤل المقلق الذي لاح في الافق بمجرد اعلان بيان “فولكر”ماهي فرص نجاح العملية التي اطلقتها الهيئة الاممية مؤخرا؟ وكيف تتعامل معها القوى السياسية والاطراف المتشاكسة في البلاد التي وصل انقسامها مبلغا كبيرا انعدمت معه اي بارقة امل للوصول الي توافق سياسي يعمل علي استمرار الحياة السياسية ودولاب العمل بالشراكة فيما بين مكوناتها المختلفة! ام سوف تلقي مصيرها كسابقاتها من المبادرات والوساطات السابقة؟!

ماهي الضوابط الملزمة الخفية والظاهرة التي تتحكم بها الهيئة الاممية؟ او ما هي المحفزات والآليات التي تتوافر عليها البعثة الاممية لحمل الاطراف السودانية علي قبول هذه المبادرة؟ رغم اصطدام المبادرات الاخري بتعقيدات المشهد السياسي؟ ماهو المختلف هذه المرة؟ هل هو البعد الدولي للبعثة وما تتصف به من مهام في اولويتها حماية الانتقال والمساعدة علي عملية التحول الديموقراطي؟ ام التأييد الذي انطلق باكرا من الرباعية الدولية (امريكا السعودية وقطر ومصر) وكأنها علي تنسيق مسبق مع البعثة الاممية! خاصة تصريحات الترويكا والاتحاد الاوروبي التي سبقت اعلان العملية الاممية بحوالي اسبوع بتهديد شديد اللهجة لعدم تعيين رئيس وزراء لحكومة الانتقال بصورة منفردة من احد المكونيين الرئيسيين في البلاد!؟

هل يعد ذلك مقدمة لقرار دولي وتنسيق مسبق مع البعثة الاممية؟ هل ذلك إشارة وتلميح لالزامية مخرجات العملية الدولية؟ وحتمية قبولها من جميع الفاعلين بالبلاد؟! هل هذه هي الضوابط الخفية الملزمة لمختلف المكونات والاطراف السياسية بالبلاد؟ وانه حان انتزاع الآن انتزاع قرارها الوطني والانتقال به بين يدي البعثة الاممية التي من مهامها المساعدة ودعم مسار الانتقال؟ هل تخشي الهيئة الاممية ان تقودها صراعات القوي السياسية الي الفشل في مهامها أيضاً؟ هل يئس العالم من الصراعات الطفولية التي نشبت فيما بين الأطراف بالمشهد السياسي كما وصفها الرئيس الارتيري “اسياس افورقي” وانها لا تليق بالارث السياسي السوداني! هل تراه كذلك البعثة الاممية وقررت قلب الطاولة علي الجميع بقرار اممي؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *