حَادِثَة اغْتِصاب كُبري المَسَلَمِيّة ( تَفَاصِيلَها )

(أ، خ) فتاة في مُقتبل العمر، تبلغ (18) عاماً، تُقيم بحي مايو جنوب الخُرطوم، وتدرُس بالمرحلة الثانوية بإحدى مدارس العاصمة، تقول (أ) لـ(السُّوداني) إنها في مساء أمس الأول الاثنين، تعرّضت إلى حادثة إغتصاب من قبل قوّة نظامية أسفل كوبري المسلمية شرق الخُرطوم، وأضافت أنها في طريق عودتها إلى منزلها من السُّوق العربي، بعد حجز تذكرة سفرها إلى وطنها جنوب السُّودان، يوم غدٍ الخميس؛ اعترضت قوّة نظامية مركبة المواصلات (كِريس) التي تقلهم هي ومعها عدد من الرُّكاب، وأطلقت عُبوّات الغاز المُسيِّل للدموع بالقُرب من المركبة، الأمر الذي أحدث ربكة، وأدى إلى فِرار الرُّكاب من (الكِريس) ــ على حد قولها، وأوضحت أنها اتجهت ناحية الكوبري بغرض الهَرب من دُخان الغاز المُسيِّل للدموع لكن قوة مُكوَّنة من (4) أشخاص اقتادتها إلى أسفل الكوبري. (السُّوداني) استنطقت الضحية وشقيقها، وجهات الاختصاص، وخرجت بالحصيلة التالية.

اغتصاب بالتناوب:
أكّدت (أ) أن القوّة النظامية هدّدتها بالسلاح وقامت بنهب هاتفها وحقيبتها التي بداخلها جواز سفرها ومُستنداتها الشخصية، ومبلغ (100 دولار أمريكي و6 آلاف جنيه سُّوداني) كما جرّدتها من ملابسها وتناوبت اغتصابها حتى أُغمي عليها، وقالت إن القوّة تركتها في مكانها، وعند وعيها أسعفها (الشماشة) الذين يسكنون أسفل الكوبري إلى منزل أسرة جوار الكوبري لم تعرفه من قبل، وواصلت (أ) سردها لقصتها أن الأسرة قامت ببعض الإسعافات الأولية وأعطتها ملابس وأسعفتها إلى مُستشفى رويال كير التي حولتها إلى مُستشفى الشُّرطة؛ بحجة عدم توفر أورنيك “8”، حيث خضعت للعلاج بمستشفى الشُّرطة وتدوين بلاغ بالقسم الشمالي.

(أ) تقول لـ(السُّوداني) أنها الآن في حيرة من أمرها بعدما فقدت جوازها وأوراقها الثبوتية، مناشدة إدارة المطار بتسهيل إجراءات سفرها إلى دولتها غداً الخميس، واستثناءها من الجواز حتى لا تفقد تذكرتها السفرية التي تبلغ قيمتها (155) ألف جنيه سُّوداني ولا طاقة لها للتأخير.

ردع الجناة:
شقيق ضحية الاغتصاب (ج) يقول لـ(السُّوداني) إنّ لحظة وقوع الحادثة كان بمدينة أم درمان، ولا علم له بها، إلا عند اتصال أحد المُسعفين لشقيقته وإبلاغه بالحادثة ليتحرك بعدها من أم درمان إلى الخُرطوم لمُقابلة شقيقته، وأضاف (ج) أنه من مساء الحادثة أمس الأول وحتى أمس الثلاثاء ظلّ في دوامة إجراءات بين المُستشفيات وأقسام الشُّرطة (جرجرة) حسب قوله بغرض العلاج، وتابع: (نحنا دايرين حقنا)، مطالباً جهات الاختصاص بإنصافهم وتحقيق العدالة وردع الجناة الذين اعتدوا على شقيقته.

بشاعة ووحشية:
طبيبة اختصاصية نساء وتوليد شاهدة عيان لضحية الاغتصاب لحظة دخولها المستشفى، فضّلت حجب اسمها، أوضحت لـ(السُّوداني) أن أعداد حالات الاغتصاب ليوم الاثنين الماضي، بلغ (3) حالات وليست واحدة، منهن اثنتان تلقَّيْن العلاج، وذهبن إلى منازلهن دون تدوين بلاغات، أما الثالثة (أ) فاغتصبت بوحشية تناوب عليها (4) أشخاص، حسب قولها، وكشفت عن تلقي الضحية الثالثة (أ) العلاج الوقائي بالمستشفى لعدد من الأمراض كمرض الإيدز والتهاب الكبد الوبائي، إضافة إلى عقار مانع الحمل وتضميد الجروح، ونبّهت إلى تزايد حالات الاغتصاب للفتيات من القوات النظامية تزامناً مع تسيير المواكب التي لم يسلم منها الرجال ناهيك عن النساء.

ووصفت الطبيبة المعالجة حادثة اغتصاب أمس الأول بـ(البشعة) والوحشية، وتابعت: (أنا الطبيبة ما قدرت أنوم طيلة الليلة من فظاعة الحادثة)، وقالت إن الأطباء الذين شاهدوا حالة الضحية أمس الأول يحتاجون الآن إلى تأهيل نفسي لكي تستقر حالاتهم النفسية والصحية ناهيك عن ضحايا الاغتصاب الذين لا يقوون على الوقوف، وطالبت بتوفير الدعم الطبي والجراحي والتأهيل النفسي للضحايا، وأشارت إلى أن الإحصائيات عن حالات الاغتصاب غير حقيقية، حيث تخفي الكثير من الأسر أمرها خوفاً من الوصمة الاجتماعية.

(كسر شوكة):
مُديرة مركز (سيما) لحماية حقوق المرأة والطفل، أ.ناهد جبر الله، وصفت لـ(السُّوداني) حادثة اغتصاب كوبري المسلمية بامتداد لحالات الاغتصاب التي تعرضت لها نساء ولايات دارفور في ظل حكم النظام البائد، وأضافت جبر الله أن حالة الاغتصاب مؤكدة ومعها حالتان أخريان من قبل القوّات النظامية التي اعترضت مركبة المواصلات العامة، وأعلنت ناهد كامل تضامنها مع ضحايا الاغتصاب، ونبّهت إلى أن الغرض من تكرار حالات الاغتصاب للنساء من قبل القوّات النظامية هو (كَسر شوكة) مشاركة النساء في المواكب الثورية، وتحسرت على أن مُرتكبي جرائم الاغتصاب هم من منسوبي الأجهزة النظامية التي تُعنى بحماية المواطنين، وقالت إن الحادثة تُؤكّد بأننا نعيش في ظل انفلات أمني غير مسبوق بوسط العاصمة الخُرطوم، مُشيرة إلى أن مواكب النساء لن تتوقف إلا بعد انتصار الثورة المجيدة.

انتحار مُغتصبات:
مُديرة وحدة مكافحة العُنف ضد المرأة، د. سليمى إسحق الخليفة، استنكرت الواقعة التي حدثت للفتاة من قبل القوّة النظامية مساء الاثنين الماضي، وكشفت سليمى لـ(السُّوداني) عن ازدياد حالات التحرش والاغتصاب من قبل القوّات النظامية ضد النساء والرجال في الفترات الأخيرة، كنوع من أساليب القمع والتخويف، وأكّدت أنّ ضحية الاغتصاب بكوبري المسلمية ليس لها علاقة بالثوار، بل هي ضمن مجموعة ركاب بمركبة عامة تمّ اعتراضها بواسطة قوّة نظامية، ونبهت إلى انتحار عدد كبير من الفتيات بعد اغتصابهن من قبل قوّات نظامية، وبسبب الوصمة الاجتماعية، مُستسهدة بواقعة فض الاعتصام في العام 2019م، وطالبت جهات الاختصاص بوضع حلول عاجلة لوقف تكرار التحرش والاغتصاب للنساء، وناشدت مراجعة منسوبي القوات النظامية والتأكُّد من هوياتهم، متسائلة: هل هي قوات نظامية حقيقية أم مليشيات تعبث بالمواطن دون رقيب؟.

الشرطة تُؤكِّد الواقعة:
مصدر شرطي مسؤول بقسم شرطة ولاية الخرطوم الشمالي، فضّل حجب اسمه، أكّد لـ(السُّوداني) حدوث واقعة اغتصاب الفتاة، وتدوين بلاغ أمس بالقسم الشمالي تحت المادة (149) من القانون الجنائي.

تحقيق: اليسع أحمد
صحيفة السوداني

مقالات ذات صلة