علاء الدين محمد ابكر يكتب .. ﻓﺮﺳﺎﻥ ﺟﻴﻮﺷﻨﺎ ﻣﺠﺮﺑَّﺔ ﻭﺃﻋﺪﺍﻧﺎ ﻭَﻟَّﺖ ﻫﺎﺭﺑﺔ

علاء الدين محمد ابكر يكتب ✍️ ﻓﺮﺳﺎﻥ ﺟﻴﻮﺷﻨﺎ ﻣﺠﺮﺑَّﺔ
ﻭﺃﻋﺪﺍﻧﺎ ﻭَﻟَّﺖ ﻫﺎﺭﺑﺔ

الشاعر السوداني الكبير عمر البنا تفاخر بقوة دفاع السودان وهي تجندل الجيش الايطالي وتدخل مدينة كرن التي تقع اليوم داخل حدود دولة اريتريا فقد كان انتصار باهر لقوة دفاع السودان ابان الحرب العالمية الثانية حيث وصف شاعرنا الراحل عمر البنا قوة دفاع السودان بالامانة علي ارواح المواطنين و قال في ذلك

*اﻟﺤﺎﺭﺱ ﻣﺎﻟﻨﺎ..ﻭﺩﻣﻨﺎ*

ولم يتوقف شاعرنا الراحل عند هذا الحد بل اضاف صفة اخري لجيشنا عندما قال

*ﺟﻴﺸﻨﺎ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻃﻤﺄﻧﺎ*
*ﻭﺍﺭﺗﺤﻨﺎ ﻭﺯﺍﻝ ﻫﻤَّﻨﺎ*

وبالرغم من التفوق العددي والتسلح المتقدم للجيش الايطالي الا ان النصر كان حليف لقوة دفاع السودان التي اشتهرت بالشجاعة والصمود علي ارض المعركة وهنا اتي وصف شاعرنا لتلك الصفة التي يتحلى بها جيشنا عندما قال

*ﻓﺮﺳﺎﻥ ﺟﻴﻮﺷﻨﺎ ﻣﺠﺮﺑَّﺔ*
*ﻭﺃﻋﺪﺍﻧﺎ ﻭَﻟَّﺖ ﻫﺎﺭﺑﺔ*

حيث لم تكتفي قوة دفاع السودان بفرار القوات الايطالية التي حاولت الاحتماء بالجبال و لم يشفع لها ذلك الهروب الجبان من امام قوة دفاع السودان التي واصلت التقدم والقتال ونجد ذلك واضحا في تصوير شاعرنا لتلك الملحمة عندما قال

*ﺣﻴﻦ ﺍﻟﺠﻴﻮﺵ ﻋَﺴْﻜَﺮﺕ*
*ﻓﻲ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﺍﺗﻮﻛﺮت*

تلك المعارك جعلت الجيش الايطالي ينهار ولا يستطيع مقاومة زحف قوة دفاع السودان والتي تمكنت من الاستيلاء علي مدينة كرن في زمن قياسي بعد فرار الجنود الإيطاليين منها حيث قال شاعرنا في ذلك

*ﺟﻴﻮﺵ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻧﺒﺮﺕ*
*ﻓﻲ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺩَﺧَﻠﻦْ ﻛﺮﻥ*

وايطاليا بعد تمكنها في عام 1935 من احتلال إثيوبيا قامت في عام 1936 بدُمجت كل من إثيوبيا وأرض الصومال الإيطالية وإريتريا تحت مسمى شرق إفريقيا كجزءًا من الإمبراطورية الإيطالية و بعد إعلان ايطاليا المشاركة في الحرب العالمية بتاريخ 10 يونيو 1940، أمر حينها الديكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني قواته بالاستيلاء على أرض الصومال البريطانية والمدن الحدودية في السودان وكينيا ولذلك حشد موسوليني جيشاً بمعاونة حملة ميكانيكية، أربعمائة مدفع ومائتي طائرة وخصص موسوليني مائة ألف من المشاة تدعمها وحدات من المدفعية والعربات المدرعة، ومائتي طائرة حربية لغزو السودان وفي مواجهة هذه القوات الايطالية كانت تقف قوة دفاع السودان وقوامها أربعة آلاف وخمسمائة مقاتل مسلحين بالبنادق والرشاشات السريعة على العربات المدرعة مع بعض العربات غير المدرعة هذا بالإضافة إلى بنادق لبوين المضادة للدبابات وقد عملت القوات السودانية ولفترات طويلة بدون غطاء جوي وقد قامت القوات السودانية رغم قلة أفرادها وضعف تسليحها بأعمال بطولية وشجاعة مكنتها من تحقيق انتصارات عديد على القوات الايطالية ويمكن إجمال ذلك في الآتي:

إفشال الهجوم الأول على كسلا الذي قامت به القوات الايطالية في يوليو 1940 حيث تقدم لواءان ايطاليان قوة كل منهما ثلاثة آلاف مقاتل نحو كسلا تدعمها أربعة كتائب خدمات قوتها ألفي رجل وكانت تسند قوات المشاة ثمانية عشر دبابة، وعدد من قطع المدفعية، وعدد من الطائرات الحربية، القوة السودانية المدافعة عن كسلا كانت تتكون من بلك مشاه آلية بلك مدافع رشاشات، وعدد من أفراد الشرطة.
وقد تمكنت هذه القوة التي لا يزيد تعدادها عن أربعمائة مقاتل من الصمود أمام القوات الايطالية وأدت خسائر في صفوفها بلغت خمسمائة قتيل وتدمير ستة دبابات. أما خسائر القوة السودانية فكانت شهيد وثلاثة جرحي وستة عشر مفقود أستطاع بعض منهم اللحاق بوحداته لاحقا وقد اضطرت القوة السودانية للانسحاب ولكن بعد أحداث خسائر كبيرة في صفوف الإيطاليين

إفشال الهجوم الثاني على كسلا في الأسبوع الأخير من شهر يوليو 1940 حيث تقدمت قوة ايطالية قوامها 1500 مقاتل اتجاه كسلا وتصدت لها قوة بقيادة الملازم (آنذاك) محمد نصر عثمان قوامها ثلاثين ضابط صف وجندي محمولين على ثمانية من عربات المدافع الرشاشة وتمكنت هذه القوة البسيطة من صد القوات الايطالية وإحداث خسائر في صفوفها والقبض على بعض الأسري دون أن تفقد القوة أي من أفرادها

تعطيل الهجوم على القلابات بواسطة قوة سودانية قوامها واحد وأربعين مقاتلا بقياد الملازم عبد الله مصطفى وقد تمكنت هذه القوة من الصمود أمام القوات الايطالية المتفوقة عليها عدة وعتاداً لمدة ستة عشر يوما. وقد منح قائد القوة ميدالية الحرب العالمية الثانية وذلك كأول سوداني يتقلدها.
ضرب خطوط إمداد القوات الايطالية مواصلاتها مع إرتريا بواسطة بلكات المدافع الرشاشة السودانية أدي نشاط العمليات حول مدينة كسلا الذي لعبت فيه بلكات المدافع الرشاشة السودانية دورا كبيرا إلى انسحاب القوات الايطالية من كسلا في ليلة 17 -18- يناير 1941
شاركت بلكات المدافع الرشاشة في احتلال كل من مدينة كرن، أسمرة ومدينة قندرة، كان دور القوات السودانية كبيرا حيث استسلم لها إحدى عشر ألف وخمسمائة من القوات الايطالية واثنا عشرة من الأفارقة هذا بالإضافة إلى الاستيلاء على أربعمائة مدفع رشاش وأربعة وعشرون مدفع مورتار وثمانية وأربعين صحن مدفع ميدان من مختلف العيارات، وقد وصف جاكس دور القوات السودانية في المعارك الثلاثة بقوله ( خلال هذه لمعارك قاتلت قوة دفاع السودان بشهامة وشجاعة بالرغم من التفوق العددي والتفوق في الأسلحة والمعدات التي كان يتمتع بها الجيش الايطالي وقد استطاع الجنود السودانيون الالتحام بالسلاح الأبيض مع الجنود لايطاليين الذين اضطروا للتراجع من مواقعهم وتحصيناتهم.
وكذلك قامت قوة دفاع السودان بحراسة الإمبراطور هيلا سلاسي بعد عودته من انجلترا وإعادته إلى أديس أبابا في 5 مايو 1942م على ظهر جواد وذلك بعد الاستيلاء على منطقة قوجام ومنطقة دبرمارقوس بتاريخ 6/4/1941، وقد قامت بكل هذه الأعمال أورطة الحدود السودانية بقيادة يعقوب بو سعيد
هذا هو تاريخ القوات المسلحة السودانية التي كان من المفترض ان تجد كل تقدير واحترام من الشعب الاثيوبي فقد بذل اجدادنا في قوة دفاع السودان الغالي والنفيس لاجل تحرير بلادهم من الاحتلال الايطالي ولكن بكل اسف تتجاهل الحكومة الإثيوبية اوربما لا تعرف تاريخ بلادها والا ما كانت ردت على جميل وكرم الشعب السوداني بجريمة اعدام اسري سودانيون سبعة جنود ومدني في سوق محلي وسط جمهرة واسعة من السكان المحليين وقيامها بعد ذلك بنشر صور تلك الجريمة علي وسائل اعلامها في موقف لا يشبه دولة محترمة

ان للسودان جيش يمتلك تاريخ ناصع البياض في حماية دول الجوار والزود عنها حيث لم تتردد القوات المسلحة السودانية في تلبية نداء الاستغاثة فكانت ( فزع البكورك) فكان لها حضور قوي في الحرب العالمية الثانية بمشاركة قوات الحلفاء في شمال أفريقيا ضد الجيش الالماني وفي شرق افريقيا ضد الجيش الايطالي وفي جمهورية الكونغو كينشاسا في ستينيات القرن الماضي ضمن قوات الامم المتحدة لحفظ السلام وفي الكويت ضمن قوات الردع العربية لحماية الكويت من محاولة العراق احتلالها في ستينات القرن الماضي وفي مصر ابان حربها ضد اسرائيل في نهاية ستينيات وبداية سبعينيات القرن الماضي و في صيدا بجنوب لبنان ضمن قوات الردع العربية وفي جزر القمر ضمن قوات حفظ السلام فيها

اذا علي اثيوبيا ان تعلم انها لا طاقة لها بحرب السودان ليس بسبب امتلاك الاسلحة المتقدمة فحسب وانما بامتلاك روح النخوة والشجاعة والتي لا تتوفر لديهم ويكفي ان السودان يستضيف اللاجئين الاثيوبيين ويتقاسم معهم لقمة العيش في مشهد لن يتكرر في بلد اخر غير السودان يجسد اكبر معاني الانسانية فالسودان دار النخوة والكرم وفي ذات الوقت هو كنانة السهام الجاهزة لصد كل معتدي

ونختم هذا المقال بكلمات اخري من قصيدة شاعرنا الراحل عمر البنا الذي وصف السوداني بعاشق الموت في سبيل العزة والكرامة فالموت له بمثابة العيد حيث قال في ذلك

*ﻭﻗﺘﺎ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﺎ ﺑﻌﻴﺪ*
*ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻟﻲ ﻧﻔﺴﻮ ﺑﻴﻌﻴﺪ*
*ﺍﻟﻘﻨﺎﺑﻞ ﺗﻘﺬﻑ ﺗﺒﻴﺪ*
*ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻋﻨﺪﻭ ﻋﻴﺪ*

ترس اخير

*لي عداه بسوي النكاية*
*وان هزمت بلملم قواي*
*غير سلامتك ما لي غاية*
*إن شاء الله تسلم وطني العزيز*

المتاريس
علاء الدين محمد ابكر 𝗮𝗹𝗮𝗮𝗺9770@𝗴𝗺𝗮𝗶𝗹.𝗰𝗼𝗺

مقالات ذات صلة