الكاتب عبدالباقي ضوينا _ العروة الوثقي

العروة الوثقي

عبدالباقي ضوينا

دكتور علي الحاج لا يستحق هذا (٢)

أذكر أنه في نهار يوم الجمعة ٣٠ يونيو ١٩٨٩ كنت في القاهرة وفي مصر الجديدة وفي شقة الأستاذ/محمد ابراهيم نقد(الاسلامي) تحديداًوكان معنا الأخ العزيز والصديق الحميم علي بندق

وزين الجلسة حضوراً الصحفي المخضرم الأستاذ/جمال عنقرة حيث أكرمنا الأخ نقد بترحيب حار وودود (هو شيمته) وزاد في الكرم بوجبة افطار دسمة ..حمدنا الله عليها أيما حمد… حينها كان الوضع السياسي في السودان قد بلغ مدىً بعيدا من التدهور وسوء الحال إقتصاديا وسياسيا وأمنيا ،وتراجع الأداء الإقتصادي للدولة وتباعدت المسافات بين القوى السياسية وخارت قوى الجيش وتوالت انسحابات القوات المسلحة من اراضي الجنوب لصالح المتمرد(قرنق) ،ثم جاءت مذكرة الجيش الشهيرة لتصب مزيدا من الزيت على النار الموقدة وتُربك المشهد السياسي..فاضطرب الأداء العام للدولة واهتزت هيبتها وزاد الإعلام النار اشتعالاً ببث الشائعات والدعوة الصريحة للإنقلابات ..وسرت الأخبار تتحدث عن تسابق القوى السياسية المختلفة لإحداث التغيير عبر المؤسسة العسكرية..

*فكان حال البلد- هذا -مسيطرا على لقائنا واتفقنا جميعا على أن تغييرا سياسياًحتمياً لابد سيحدث، فكل المعطيات والمؤشرات تقول بذلك واختلفنا في الفاعل المتوقع،فكان من رأي الصحفي اللامع جمال عنقرة:- ألَّا قوة موجودة على ظهر البسيطة لها القدرة على التغيير سوى بقايا مايو وإتحادها الإشتراكي المحلول..وكان رأي ثلاثتنا أن التغيير لابد أنه كائن كائن ولكن يصعب التكهن بالفاعل الحقيقي من يكون ..ويستحيل أن يكون لبقايا مايو فيه نصيب لسبب بسيط كونهم اُقتُلعوا بثورةٍ شعبيةٍ عارمةٍ لا تزال بقايا أوارها تتقد تحت الرماد ..ثم ودعنا نُقُد وانصرف كل منا لحاله ..وذهبت أنا مع بندق لشقته وعندما دلفنا اليها مباشرة وجدنا الراديو على التربيزة وأدرنا المؤشر فإذا الساعة الثالثة ظهرا وإذا بالمذيع يقول هنا لندن إذاعة البي بي سي وإذا بالخبر الرئيس (إنقلاب عسكري في السودان يطيح بحكومة السيد الصادق المهدي) ..إذن فقد تحققت نبوءتنا الأربعة مجتمعين بحتمية التغيير وقد كان..تبقى النبوءةالمحتملةالأخرى :-من الفاعل؟

*وفي تفصيل النشرة يقول المذيع:- وقد تمكنا من التواصل الآن مع الدكتور علي الحاج محمد الأمين السياسي للجبهة الإسلامية القومية المتواجد في لندن منذ اسبوعين لإلقاء مزيد من الضوء حول تطورات الأحداث في السودان..ثم بدأ الدكتور علي الحاج في ممارسة الطب السياسي الذي يجيده ويحذقه وقدم تحليلاً رصيناً وعميقاً حد المتعة (رغم المأساة) ، تحدث عن الأزمات المحيطة بالسودان واختلافات القوى السياسية فيما بينها، وإفرازات مذكرة القوات المسلحة الكارثية ونتائجها الحتمية المتوقعة ..فرأينا السودان من خلاله جسداً منهكاً وقلباَ مفطوراً وحوايا فارغة تتلوى… ثم وضع المشرط وانصرف .. ثم أشار المذيع الى أن خبرا واردا من الخرطوم يقول بأن قائد الإنقلاب يُدعى العميد عمر حسن أحمد البشير.. ولم يكن يعرفه منا أحد.

*الشاهد في القصة أن الدكتور علي الحاج كان خارج السودان لأسبوعين سبقا قيام الإنقلاب…وما قوله المشهور باننا دبرنا للانقلاب ونتحمل مسئوليته الا من باب الشعور بالمسئولية والمشاركة التضامنية كونه أمينا سياسيا لحزب كان له دور في إحداث هذا التغيير ..لكن واقع الحال يقول بأنه كان خارج السودان بزمن ليس بالقصير قبيل انقلاب التاسع والثمانين وتسعمائة وألف…ولذلك فإن التمادي والحرص الشديد على إبقائه في السجن هذا الزمن المتطاول -بدعوى تدبير الإنقلاب-وبدون محاكمة جادة لا ينم الا عن حقد وكيد سياسي رخيص تصطلي به قلوب خصومه المتشاكسين..لكنه الذهب لن تزيده النار الا توهجا وجمالا…

*أطلقوا سراح د.علي الحاج وأخويه فوراً.

*أطلقوا سراح جميع المعتقليين السياسيين

فورا …ودونكم الفَعَلة الحقيقيين مقرين بفعلتهم مفتخرين بها غير ناكر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *