علاء الدين محمد ابكر يكتب .. لا لرجوع النظام العام و متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً

*علاء الدين محمد ابكر يكتب ✍️ لا لرجوع النظام العام و متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً*

الحرية قيمة كبير وعلي الانسان المحافظة عليها من الطغاة المستبدين الذين يرون انهم الاحق بتقويم سلوك غيرهم وهم في حقيقة الأمر احوج الناس الي التقويم والاصلاح

في التاريخ القديم كان جمع الضرائب يحصل من عامة الناس حتي بدون ان يعود عليهم ذلك بنعمة او خدمات فكانت الإمبراطورية الرومانية تحرص على جمع الضرائب وكلما اتسعت رقعتها كلما زاد حجم تحصيل الضرائب مما ادخلها في صدامات مع جارتها الامبراطورية الفارسية وصل الي درجة الصدام العسكري و كان ضحايا ذلك الصراع هم سكان المناطق المتنازع عليها مابين الروم والفرس،

ومع ظهور الإسلام اختلف الامر و عقب جلاء القوات الرومانية والفارسية من المناطق التي كانت تدور فيها تلك الاحداث اكتفي المسلمين باخذ (الجزية) من غير المسلمين بينما يدفع من دخل في الدين الإسلامي (الزكاة) وهي نصاب ياخذ من اموال المسلمين ليدفع الي الفقراء والمساكين وابناء السبيل والمولفة قلوبهم وغيرها من ما نص عليه قانون توزيع الزكاة في الاسلام ولكن الملفت للنظر ان الصراع في ذلك الزمان كان حول المال بينما ظلت الحريات العامة لا تخضع لقانون معين وحتي الشريعة الاسلامية كانت تطبق داخل المجتمعات المسلمة بينما لا يشمل ذلك دافعي الضرائب ( الجزية) وفي ايام سيطرة الدولة العثمانية علي مناطق واسعة من اوربا واسيا وافريقيا لم تسعي الي تطبيق الشريعة الاسلامية علي كل انحاء الامبراطورية بالرغم من السلطان العثماني كان يطلق على نفسه لقب( امير المؤمنين) ولكنه كان اكثر اصرار على جمع الضرائب و محاربة ظواهر التمرد على الدولة العثمانية

تطورت الاحداث عقب الحرب العالمية الثانية ونالت العديد من الدول استقلالها السياسي وتلك الدول لم تقم على أساس العرق الواحد او الدين الواحد او الثقافة الواحدة ولكنهم توافقوا على دساتير تنظم حياتهم اليومية عبر برلمانات منتخب حيث يجتمع فيها نواب الشعب لمناقشة القوانين والتشريعات ومنها القانون الجنائي وبعد الاجازة البرلمانية يصير القانون ساري المفعول
في السودان وقبل ايام اعلن عن رجوع ادارة الشرطة المجتمعية للعمل من جديد بعد ان تم تجميدها عقب الاطاحة بالنظام البائد وهنا يحق للمواطن السوداني معرفة تفاصيل واسباب القرار وماهو الهدف من رجوع الشرطة المجتمعية التي كانت تحمل عدة اسماء سابقة ( امن المجتمع والنظام العام) فهل يا تري سوف تعود الشرطة المجتمعية للعمل بنفس الصلاحيات القديمة التي كانت قبل الاطاحة بالنظام البائد؟
ان الفترة التي حكمت فيها الحركة الاسلامية البلاد طوال الثلاثين عاما كانت نموذجا للديكتاتورية والتسلط والقمع السياسي والاجتماعي بالرغم من انها كانت تحارب نظام الجنرال الراحل النميري الديكتاتوري الا انها وعقب انتصار الشعب علي نظام 25 مايو في انتفاضة السادس من ابريل من العام 1985م انقلبت علي الديمقراطية في الثلاثين من يونيو من العام 1989م وفي ذلك غدر وخيانة لمبادي انتفاضة ابريل 1985م
وعقب سيطرتها علي البلاد اصرت الحركة الاسلامية علي اعادة تطبيق ما كانت تعتقد أنها شريعة اسلامية بعد تجربة لها فاشلة عندما كانت في وفاق مع نظام الجنرال الراحل النميري في العام 1983م قبل ان تقفز من مركب النظام المايوي قبل الثورة عليه بفترة قصيرة

ان مايعرف بالشريعة الاسلامية التي طبقها الجنرال الراحل النميري بمباركة من دهاقنة الاسلامين كانت عبارة قمع وارهاب للشعب السوداني و عقب انتفاضة السادس من ابريل كانت تحتاج الي ورشة عمل لتقيم شامل
قوانين سبتمبر 1983وهو الشهر الذي صادف اصدار تلك الاحكام التي اعلنت عن تطبيق الشريعة الاسلامية في بلاد حديثة التكوين ولم تكن قبل غزو محمد علي باشا في العام 1821م بلد واحد فالسودان يضم شعوب وقبائل مختلفة عادات وتقاليد وكيف ساعد اعلان تطبيق الشريعة الاسلامية في اندلاع التمرد الثاني في جنوب السودان في العام 1983م ولكن بكل اسف تعمل الحكومة الانتقالية التي تولت ادارة البلاد عقب سقوط نظام مايو والتي استمرت لمدة عام واحد علي اقامة ورشة عمل لاجل تقيم اثر قوانين سبتمبر علي وحدة البلاد ويمكن ان نجد لهم العذر المخفف بسبب قصر الفترة الانتقالية ولكن لن نجد العذر لحكومة الفترة الديمقراطية التي تولت زمام ادارة البلاد من العام 1986م الي العام 1989فقد كانت فترة كافية لمناقشة سلبيات وإيجابيات تجربة قوانين سيتمبر والتي عرفت بالشريعة الاسلامية

وتمر الايام وترحل حكومة السيد الراحل الصادق المهدي وتاتي حكومة انقلابية ومن خلفها حزب الجبهة الاسلامية ولتعيد تطبيق احكام الشريعة الاسلامية مرة اخري ضاربة عرض الحائط بكل نضال الشعب ضد نظام الراحل الجنرال النميري الذي نصب نفسه امام للناس

كانت شرطة النظام العام هي الاداة المكلفة بتطبيق الشريعة الاسلامية وقد تطور اسمها الي امن المجتمع في فترة اتفاقية السلام مع الحركة الشعبية لتحرير السودان في العام 2005م لتعود إلى الواجهة عقب انفصال جنوب السودان في العام 2011م وعقب ثورة ديسمبر تم تحويل اسمها من جديد الي اسم الشرطة المجتمعية ولكن كانت المفاجأة في اصدار امر من السيد وزير الداخلية بان تعود الشرطة المجتمعية للعمل من جديد ولا نعرف مالهدف من ذلك فهل القانون لايمكن تطبيقه الا عبر ادارة مختصة؟
والسوال ماهو اصلا هذا القانون الذي سوف تقوم الشرطة المجتمعية بتطبيقة ؟ هل هو خلاف القانون الجنائي الصادر في العام 1991م؟
فهل هذا يعني ان الشرطة المجتمعية سوف تعود لممارسة نفس ادوارها السابقة؟
ونطرح سوال اخر هل كانت سلطات الشرطة المجتمعية في فترة النظام البائد مستمدة من احكام القانون الجنائي لسنة 1991 اما كانت تستند إلى قوانين محلية؟
وسوال اخري من هي تلك الجهة التي كانت تصدر تلك الاوامر والتشريعات المحلية؟
اذا من حق الشعب معرفة مايحدث خاصة واننا نعيش فراغ سياسي و دستوري ولايوجد برلمان قومي او مجالس تشريعية ولائية حتي تصادق علي القوانين

فكما اغفلت حكومة الفترة الديمقراطية التي حكمت مابين الاعوام 1986 الي العام 1989 دراسة تجربة قوانين سيتمبر وانعكاس تطبيقها علي وحدة البلاد مع العمل علي وضع قوانين بديلة تعمل علي حفظ النظام في الشارع العام بدون انتهاك لحقوق الإنسان فذات الشي من تجاهل لتقيم تلك الفترة الماضية وقعت فيه حكومة تجمع قوي الحرية والتغير ( قحت) والتي ضمت مجموعة كبيرة من الاحزاب والنقابات والمنظمات السياسية والمجتمع المدني كان بالامكان اقامة موتمر لدراسة اثر تطبيق احكام الشريعة الاسلامية في العام 1983 والتجربة الثانية التي كانت في عهد نظام الانقاذ وكيف اثرت على وحدة البلاد بانفصال جنوب البلاد عقب استفتاء شعبي لصوت فيه ابناء الاقليم الجنوبي لصالح الاستقلال عن الوطن الام وذلك يرجع إلى اسباب عديدة من ضمنها اصرار الاسلامين علي تطبيق الشريعة علي سائر عموم السودان وبالتالي لن يتمكن غير المسلم في المنافسة على الوصول إلى سدة الرئاسة بالبلاد وذلك حسب اعتقاد الاسلامين بالحركة السودانية بينما المسلمين في دول غرب افريقيا ذات الغالبية المسلمة لايجدون حرج في تولي رئيس غير مسلم للحكم وحدث ذلك في دول مثل السنغال ونيجيريا
ولكن بكل اسف كرر تجمع الحرية والتغير نفس اخطاء حكومة الفترة الديمقراطية في العام 1986بعدم اقامة موتمر لقيم ماكان والهدف من وراء ذلك الموتمر التقيمي هو وضع الحلول المناسبة لحفظ النظام في الشارع العام لشعب كان مسجون ومكبوت طوال ثلاثين عام وجد نفسه فجاة امام رياح التغيير حيث فسر البعض كلمة الحرية بالفوضي مثل تعاطي المخدرات والخمور في الشارع العام فحتي في دول الغرب يمنع شرب الخمر الا في اماكن محدده حتي لا توثر علي الاطفال ويمنع قيادة السيارات تحت تاثير السكر ويمنع بيع وتعاطي المخدرات ولكن في نفس الوقت تحترم الحريات فلا يمكن للشرطة تدخل منزلك بدون امر قضائي ولايحق للشرطة تفتيش هاتفك الجوال او الاطلاع عليه الا بامر قضائي ،ولا يمكن تقبض عليك الشرطة بدون مذكرة توقيف وان لا تتعرض للضرب ويحق لك في حالة الاعتقال ان تطالب بمحامي حتي يقدم لك استشارة قانونية وتكون تكاليف ذلك علي حساب الدولة وبما انك دافع ضرائب يحق لك معرفة ما يحدث في بلادك وهذا كان غير موجود في بلادنا طوال السنوات الماضية ومع اندلاع ثورة ديسمبر استبشرنا خيراً بقدوم دولة القانون التي يتساوي فيها الجميع

اذا قانون النظام العام او اي اسم لاحقا كان يمثل انتهاك لحقوق الإنسان حيث يتعرض العديد من المواطنين للقبض او اقتحام منزلهم او الضرب بدون ان يعرفوا حتي التهمة المنسوبة اليهم فالشعب خرج لاجل اقامة دولة القانون ومدنية الدولة وابعاد الروح العسكرية والصبغة الامنية التي كان يدير بها الاسلامين شئون البلاد فالعقلية الكيزانية تعشق العسكرية لاجل التسلط على الشعب وبكل اسف كانت النتيجه هي انعدام الثقة مابين الشعب والعسكريين بسبب تشوية صورتهم بواسطة الاسلاميين

اذا يحق للشعب السوداني معرفة ماهو الهدف الحقيقي وراء قرار ارجاع الشرطة المجتمعية هل هو بغرض حفظ الامن وهو امر بمقدور قوات الشرطة بوحداتها المعروفة القيام به اما لو كان الهدف من وراء ذلك اعادة انتاح قوانين سبتمبر 1983م تحت حجة تطبيق الشريعة الإسلامية علي شعب يعاني من الجوع والفقر والبطالة وانتشار الكراهية والعنصرية والقبلية فان ذلك مرفوض تماما فالشعب السوداني يستحق ان يعيش بكرامة واعادة استرداد الاموال المستردة سابقا مرة اخري عبر لجنة التمكين لصالح الشعب فالبلاد تملك ثروات ضخمة من الموارد الطبيعية ومن المفترض ان لا نجد مواطن يعاني من عدم الحصول منزل او العلاج او التعليم وغيرها من الحقوق

ان ثورة ديسمبر قامت ضد الكيزان ومن تحالف معهم ايها الاسلامين اتركوا هذا الشعب في حال سبيله فلايحق لكم استعباد العباد والعبث بمصير البلاد فقد قالها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب ( متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً )
ولا لرجوع عهد القهر والظلم وانتهاك حقوق الانسان

*المتاريس*
*علاء الدين محمد ابكر*
𝗮𝗹𝗮𝗮𝗺9770@𝗴𝗺𝗮𝗶𝗹.𝗰𝗼𝗺

مقالات ذات صلة