المنهج التسووي والمصالحات لمعالجة ازمة البلاد

يتساءل العديد من الناس خاصة بعد تزايد الازمات غير المتوقعة بعد انتصار ثورة ديسمبر المجيدة حول وجود التيار الاسلامي العريض! وهل سوف يختفي هذا التيار؟ وماهي منهجية الثورة في التعاطي مع هذا التيار؟ ولابد لنا من توضيح ما المقصود بهذا التيار؟ ونريد ان نؤكد اننا لانقصد به اي اسم او تيار سياسي محدد! وانما نطلقه لوصف عموم الحالة التي تمثل غالبية المواطنين السودانيين وتوجهاتهم التلقائية بحكم مايمثلونه من محافظة وتمسك بقيم واهداف الدين وان منهج الاسلام باعتدال ووسطية يعبر عن الغالبية العظمى للمواطنين!
وكما هو معلوم لدى الجميع؛ ليس كل التيار الاسلامي مؤتمر وطني او مايسمى بالحركة الاسلامية المعروفة!

التوجه الاسلامي نزعة فكرية وتيار فكري عريض اوسع من تضييقه وحصره في حزب المؤتمر الوطني او جماعة الاخوان والحركة الاسلامية
تعدد التيارات التي تتخذ من الاسلام نموذجا للفكر والتوجه والتنظيم
طبيعة البلد وتوجه غالب اهلها نحو التدين والمحافظة يضع معظم البلاد تحت دائرة التوجه الاسلامي اضافة الي ان الحركة الاسلامية حكمت حوالي ثلاثين عاما غيرت فيها كثيرا من مفاهيم المجتمع والمواطنين واثرت علي خياراتهم وتوجهاتهم من خلال العزف علي وتر الدين الذي يعتبر شيئا مهما لدى المجتمع! وانه يبدو من رابع المستحيلات تلاشي مثل هذا التيار داخل السودان بحيث يظل موجودا دائما وان تنتابه بعض نوبات المد والجزر الا انه يظل حاضرا دوما وبكثافة وان لم يكن له نشاط فاعل الا انه يظهر عند بعض المناسبات التي يراها هامة بالنسبة له مثل ظهوره بعد الثورة ضمن مواكب ومظاهرات تدافع عن الدين وتعمل علي حمايته لدى شعورها باقل انتهاك للقيم والدين بما يؤكد وجود التيار وانتشاره وسط المجتمع بما يمكن ان نقول انه خلق انقساما حادا في الساحة الوطنية!

هناك حقيقة يجب ان لا نمل من تكرارها وهي ان الثورة لم تكن ضد الدين او لتغريب البلاد وانتزاعها من سياقها الثقافي! وان حاول البعض تجييرها لهذه الأجندة وساعدهم علي ذلك غباء اليسار في محاولات الاختطاف التي ظلوا يحاولون تزريقها ضمن الخطاب الثوري بما جعل كثير من القطاعات يفهم ان الثورة ضد الدين! بينما قامت الثورة من اجل الحفاظ على الدين وعلي نقائه بعيدا ورفضا للتشويه الذي تعرض له خلال تجربة الانقاذ المستبدة باسم الدين!

يرى المراقبون لمعالجة هذه الازمة ان البلدان التي تخرج من اوضاع مثلما تعيشه بلادنا بعد الثورة والتغيير تتسم بالهشاشة والسيولة الامنية الامر الذي يحتاج الي عقد مصالحات واسعة داخل المجتمع لرتق النسيج وتلاحم وحدته وجبهته الوطنية! فليس كل من يقول هو اسلامي التوجه بالضرورة مؤتمر وطني او حركة اسلامية.! ويؤكدون انه دون الوصول لصيغة تسووية تجمع كل السودانيين لايمكن للبلاد تجاوز محنتها السياسية؛ دون مسميات سوى تطوير الوطن ونهضته وقيم العدالة وعدم الافلات من العقاب! وخاصة وان هذا التيار اثبت وجوده في أرض السودان وانه ليس شيئا عابرا وانما جزء اصيل من تراب هذا الوطن! بما يجعله عامل مهم في توازن القوى بين تيارات البلاد المصطرعة!

مقالات ذات صلة