“جثث المشارح إكرام الميت في دفنه بعد كشف الهوية” .. فاطمة علي سعيد

“جثث المشارح إكرام الميت في دفنه بعد كشف الهوية”

🖊️فاطمة علي سعيد

أقل من ٢٤ساعة تفصلنا عن البدء رسمياً في تشريح أكثر من ثلاثة ألف جثة مجهولة الهوية مكدسة في ثلاث مشارح في مستشفيات حكومية في ولاية الخرطوم تمهيداً لدفنها.
مشرحة أمدرمان سعتها الاستيعابية (٣٠٠)جثة لكن العدد الموجود فعلياً (٢٣٠٠)جثة مجهولة الهوية متحللة حسب إفادة مدير الطب العدلي د.هشام زين العابدين ، واغلقت مشرحة مستشفى بشائر لجهة ان الجثث تعفنت وتحللت بسبب تكدسها حيث تبلغ سعتها الاستيعابية (١٠٠)جثة لكن عدد الجثامين الموجودة فيها أكثر من (١٠٠٠)جثة ، وتخوف القانوني الضليع الدكتور عادل عبدالغني من أن يتحول الوضع لكارثة بيئية صحية ، ولفت ان هناك فئران تتغذى على الجثث محذرا من أن تتسبب تلك الفئران في الإصابة بمرض الطاعون للأحياء ،وقطع بأن لادين ولا أخلاق تسمح بأن تكون هذه المشرحة مفتوحة وأضاف لذلك قررنا اغلاقها تماماً.
حيث أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان قراراً بتشكيل لجنة فنية لدفن الجثث المجهولة الهوية بسبب تراكمها بثلاجات المشارح والمستشفيات منعاً للمخاطر الصحية والبيئية الناجمة عن تكدسها.واوضحت اللجنة بأن التشريح يتم وفق برتكولات الصليب الأحمر الدولي للتعامل مع جثث مجهولة الهوية ، وأشارت سيتم تشريح الجثامين المجهولين في ٢٠٢٢م اولاً وصولاً إلى ٢٠١٩م ، ويتم دفنها خلال ٣ أشهر بعد أن ترفع اللجنة توصياتها.
ووجد القرار رفضاً ومعارضة من جهات حقوقية وأسر ضحايا المفقودين خلال ثورة ديسمبر ٢٠١٩م مجزرة القيادة العامة لتوقعهم وجود المفقودين ضمن تلك الجثث، لاسيما أن أغلب الجثث يعود تاريخ وصولها إلى المشارح خلال عام ٢٠١٩ اي بعد فض اعتصام القيادة العامة.
واثارت ايضا خطوة إغلاق مشرحة مستشفى بشائر حفيظة الكثيرون واغضبت ذوي المفقودين والثوار ووصفوا الخطوة “بطمس الحقائق ” وشددت لجنة المفقودين على ضرورة التعرف على الجثث قبل دفنها وضرورة دفنها بمقابر فردية بدلا عن الدفن الجماعي. ومطابقتها مع “دي أن أي” مع عائلات المفقودين، وطبقاً للبلاغات فإن المفقودين ( ٤٥) مفقود منذ فض اعتصام القيادة العامة ٢٠١٩م.
لكن إكرام الميت في دفنه ، فبعض الجثث أصبحت هياكل عظمية لأنها تحللت ، وبعض الهياكل التهمتها الفئران، وتتحمل الحكومة هذا التقصير بتجاهلها تجهيز المشارح بالثلاجات والمواد الحافظة وعدم استقرار التيار الكهربائي بالمشارح ،كما عجزت عن توفير ضرورات الحياة للأحياء. الوضع داخل مشرحة بشائر غير آدمي عند الدخول للعنابر رائحة الجثامين المتحللة تزكم الأنوف ، وهناك أجزاء من الجثث أغلقت منافذ الصرف الصحي بسبب تحللها.
وفي العام السابق ٢٠٢١م بمشرحة التمييز “الأكاديمي” هناك جثث تحللت بسبب انقطاع التيار الكهربائي ووصل عدد الجثث (١٥٤) جثة داخل ثلاجة فواكة بحسب تصريح مدير المشرحة إشراقة إبراهيم ، وعندما احتج قاطني الحي بسبب الروائح الكريهة المنبعثة من الثلاجة ، وتسلل الحشرات لداخل الثلاجة وخلقت أزمة بيئية وصحية وتحولت لقضية فعلية .
قامت بتشريح (٣٠)جثة حيث دفنت (١٥)جثة مجهولة الهوية بمقبرة اعدت بمحلية شرق النيل بعد ترقيمها برقم تسلسلي.
وتقع المسئولية على الحكومة في الحفاظ على مواطنيها وعليها احترام آدمية الإنسان سواء أن كان ميتاً اوحياً لان كل الشرائع السماوية والقوانين احترمت وصانت حياة الإنسان وما أن تنتهي حياته فإن من الواجب إكرامه و دفنه ، لكن الغريب في الأمر لماذا تأخر قرار الدولة وتكوين لجنة في هذا التوقيت ومن أين أتت بأن يتم التصريح بأن هناك ثلاثة الف جثة جمعيها مجهولة الهوية ، وهناك مفقودين منذ ثلاث أعوام ، وهناك جثث في الثلاجات منذ ذاك العام ، والوجه الحقيقي لتحلل الجثث هي جثة العدالة فهي جثة في بلد كالسودان لايتم اكرامها بالدفن مهما تكدست وتعفنت وتحللت … اختلال الأولويات مخطط مصنوع والحرية والتغيير خلال توليها إدارة أمر الفترة الإنتقالية قصرت في ملف العدالة .
لذلك نطالب اللجنة بضرورة تمليك الرأي العام عن تفاصيل تشريح تلك الجثامين وتاريخ وصولها للمشرحة وسبب الوفاة .فرغم الجثث إختلاف وتعدد أسباب الوفاة لكن التقت جمعيها في نقطة احترامها حتى بعد موتها ، فهناك جثث لم تمر عليها عين شخص ليتعرف عليها.
لذلك أن قضية تشريح ودفن الجثامين المكدسة بمشارح الخرطوم تستحق أن ندافع عنها ، وندعو كل اعضاء اللجنة ومن يمتلك ذرة عدل وإنسانية أن ينصف هؤلاء المجهولين والمفقودين وعدم التكتم على الحقائق فالوضع كارثي …

مقالات ذات صلة