مع عودة أكثر من 122 ألف سوداني إلى بلادهم منذ بداية عام 2025 .. انخفاض الإيجارات في مصر بنسبة 50%

أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أن أكثر من 122 ألف مواطن سوداني عادوا إلى بلادهم من مصر منذ بداية عام 2025، وذلك بعد تحسن الأوضاع الأمنية في العاصمة السودانية الخرطوم.
ووفقًا لبيانات المنظمة، كان عدد السودانيين المقيمين في مصر قد تجاوز أربعة ملايين شخص، مما شكل ضغطًا ملموسًا على مختلف القطاعات الخدمية، وعلى رأسها قطاع الإسكان.
تأثير مباشر على سوق الإيجارات في مناطق الكثافة السكانية
وكان لعودة عشرات الآلاف من السودانيين تأثير واضح على سوق العقارات، لا سيما في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مثل فيصل والهرم، حيث شهدت أسعار الإيجارات تراجعًا ملحوظًا نتيجة انخفاض الطلب على الوحدات السكنية.
وقال خالد القيسي، وهو سمسار عقاري سوداني يعمل في منطقتي فيصل والهرم، إن تدفق اللاجئين خلال العامين الماضيين أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار الإيجارات، حيث زادت بنسبة وصلت إلى 50% للوحدات غير المفروشة، و100% للوحدات المفروشة، ما تسبب في عبء إضافي على المستأجرين.
وأضاف أن السوق بدأ في التراجع مع بداية موجة العودة، حيث عمد العديد من الملاك إلى خفض الإيجارات بنسبة تصل إلى 50% لتفادي بقاء الوحدات شاغرة. وأوضح عمر سعيد، سمسار آخر في نفس المنطقة، أن الإيجارات التي كانت تصل سابقًا إلى 15 ألف جنيه شهريًا أصبحت تتراوح حاليًا بين 5 و7 آلاف جنيه، مما يعكس الانخفاض الحاد في الطلب.
الوحدات السكنية المغلقة: أزمة قائمة وفرصة ضائعة
في ظل هذه التطورات، عاد الحديث مجددًا حول أزمة الإسكان في مصر، حيث تشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى وجود نحو 12.5 مليون وحدة سكنية مغلقة في أنحاء الجمهورية، تمثل نحو 29% من إجمالي الوحدات السكنية، في وقت يعاني فيه عدد كبير من المواطنين من صعوبة في الحصول على سكن ملائم.
ويطرح هذا الواقع مفارقة حادة بين وفرة المعروض غير المستغل، وارتفاع الطلب غير الملبى. ويُعد تراجع الطلب بفعل عودة عدد كبير من اللاجئين فرصة سانحة لإعادة النظر في السياسات الإسكانية، والعمل على دمج هذه الوحدات المغلقة ضمن الدورة الاقتصادية، من خلال سن تشريعات تحفز التأجير بأسعار مناسبة، أو تقديم تسهيلات تشجع الملاك على طرح وحداتهم المغلقة في السوق.
فرصة لإعادة التوازن ومواجهة التحديات
إن عودة آلاف السودانيين إلى بلادهم أعادت تشكيل ملامح سوق العقارات في مصر، وأسهمت في خفض الضغوط عن كاهل المستأجرين، إلا أن التحديات الأعمق لا تزال قائمة، وعلى رأسها ملف الوحدات المغلقة، الذي يتطلب معالجة جذرية ومستدامة لضمان التوازن بين العرض والطلب، وتحقيق عدالة سكنية شاملة.