هل تصدّق.. مُتعهّد يؤجر كراسي متحركة للمتسولين بالخرطوم!

عادت ظاهرة التّسوُّل، بشراسة شديدة، لترسم وجه العاصمة السودانية الخرطوم مرةً أخرى.

مواقع التواصل بالسُّودان، انشغلت اليومين الماضيين، بحكاية ولا أغرب عن مُتعهِّد يُؤجِّر الكراسي المُتحرِّكة للمُتسوِّلين بمقابل مالي.

كرسي بمُقابل مالي
وذكرت تقارير صحفية أنّ المُتعهِّد المذكور يتّخذ من تقاطع مستشفى الشعب بوسط الخرطوم، مركزاً لإدارة نشاطه، ويُؤجِّر الكراسي المتحركة، مقابل ألف جنيه سوداني لليوم الواحد.

وتساعد تلك الكراسي المُتحرِّكة على إظهار المُتسوِّل بصورة الشخص المريض أو شخص غير قادر على الحركة لاستدرار تعاطف المارّة، وسائقي العربات خاصّةً بالشوارع المزدحمة.

ظاهرةٌ مُؤرِّقةٌ
مصادر رسمية قالت لـ”العربية.نت”، إنّ التّسوُّل تحوّل إلى ظاهرة مُؤرِّقة، ليس بالخرطوم وحدها، إنما لولايات السودان المُختلفة، واعترفت المصادر بأنّ الظروف الاقتصادية الطاحنة وشظف العيش وقسوة الحياة المتوحشة، دفعت أعداداً إضافية للتسوُّل.

والمتسولون والمتسولات، عادة ما تجدهم يرتدون وملابس رثة ويتخيرون مواقع استراتيجية، قرب المستشفيات والمطاعم وفي إشارات المرور بتقاطعات الطرق الرئيسية بالخرطوم، يسألون الناس إلحافاً.

وينتهج المُتسوِّلون، وسائل متعددة لاستدرار العطف وجني المال دون عناء بمجرد ترديد عبارات مُعيّنة، أو ادّعاء مرض أو عجز أو انقطاع سبيل له أو لأحد أفراد أسرته لإقناع الشخص بصدق ادّعاءاتهم.

أكثر من 11 ألف مُتسوِّل.. والُمتسوِّلات أغلبية
وأكدت مصادر رسمية لـ”العربية.نت”، عدم وجود إحصائية دقيقة لأعداد المُتسوِّلين، لكنها توقعت أن أعدادهم لا تقل عن 11 ألف مُتسوِّل بالخرطوم فقط. وأن النساء المُتسوِّلات يُشكِّلن الغالبية العُظمى من المُتسوِّلين، ثم يأتي المُتسوِّلون الأطفال، وأخيراً المُتسوِّلون من الرجال، باعتبار النساء والأطفال من الفئات المُستضعفة، وغالباً ما تجلب التعاطف والمُؤازرة أكثر من الرجال.

جرائم الاتجار بالبشر
أضافت المصادر لـ”العربية.نت” أنّ مُعدّلات الأجانب عالية للغاية وسط المُتسوِّلين، ويمكن أن تصل إلى أكثر من 80%، وألمحت لتورُّط جهات مُنظّمة تقوم باستقدامهم من دول بعينها وإجبارهم على امتهان التسوُّل في السودان نظير الطعام والسكن. ومن المعلوم أنّ هذا الفعل الإجرامي مجافٍ القانون ويرقى لمصاف جرائم الاتجار بالبشر، المُحرّمة دولياً.

ضعف القوانين
يقول مصدرٌ رفيعٌ بوزارة التنمية الاجتماعية بالخرطوم لـ”العربية.نت”: إن هناك تفاوتا بائنا بين تطوُّر أنماط الجريمة مقابل ثبات النصوص القانونية لفترة طويلة مع ضعفها البائن. فالإجراءات الرسمية، التي تُتّخذ بحق المتسولين لا تتعدّى فتح البلاغات وإيقاع الغرامات المالية التي تتسم هي الأخرى بالضعف، لدرجة أنّ مُتسوِّلاً واحداً يمكنه دفعها بكل سهولة.

لذلك، لا بد من إجراء تعديلات جوهرية على النصوص القانونية لتواكب تطوُّر تلك الأنماط والظواهر التي تتمدّد وتتّسع يوماً بعد يوم.

وأيضاً من المهم جداً، تفكيك الشبكات المنظمة التي تستقدم أولئك المُتسوِّلين ومُعظمهم من البسطاء ويمكن أن يكون ضحايا لشبكات الاتجار بالبشر.

اختلالاتٌ اقتصاديةٌ واجتماعيةٌ
وتقول د.أسماء جمعة، اختصاصية علم الاجتماع بالخرطوم لـ”العربية.نت”، إنّ التسوُّل ظاهرة تعكس الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية، وعدم الاستقرار السياسي في المجتمعات، ويعكس أيضاً غياب أجهزة الدولة أو انسحابها عن برامج رعاية لمواطنيها وضمان حقوقهم بحياة أفضل.

وتضيف د.أسماء: كلما استفحلت الاختلالات واستمر عدم الاستقرار وإهمال الدولة للمواطنين كلما ازدادت أعداد المتسولين، لذلك نجد أن أغلب المتسولين من الفئات الضعيفة كالنساء والأطفال وذوي الإعاقة. هذا بالإضافة إلى أن حالة السيولة الأمنية تفتح الأبواب واسعة أمام تدفق المتسولين الأجانب، خاصّةً وأنّ التسوُّل تحوّل لظاهرة عابرة للحدود، وصار المُتسوِّلون يأتون من دول تُعاني نفس المشاكل وربما أسوأ.

مقالات ذات صلة