وَهم القاعدة الروسية.. عثمان ميرغني

وَهم القاعدة الروسية..
عثمان ميرغني

حكاية أن السودان سيمنح روسيا قاعدة بحرية على شواطيء البحر الأحمر هي مجرد “حدوتة” تتكرر عند اللزوم.. فلا روسيا طلب قاعدة بحرية و هي بحاجة اليها في السودان.. كل الأمر أنها فكرة تفتقت في رأس البشير عند زيارته الشهيرة الى روسيا وعند مقابلة الرئيس بوتن، وتفاجأ بها حتى وزير خارجيته البروفيسور إبراهيم غندور لحظتها..

لكن روسيا لم تبحث بصورة جادة مطلقاً إنشاء قاعدة عسكرية بحرية بالمعنى، ربما استفادت لفترة من منصات خدمات بحرية سودانية في شواطيء البحر الأحمر في تموين سفن حربية روسية عابرة .. لكن الفكرة لأسباب استراتيجية تتعلق بروسيا لم ترتق مطلقاً لموضع النظر الجدي..

ومع زيادة التوتر بين الغرب عموماً و روسيا، بدأت الأخيرة تستخدم “فزاعة” القاعدة البحرية الروسية بالسودان في التكتيك الإعلامي.. ولكن زيارة قائد القوات الأمريكية في أفريقيا “افركوم” للسودان العام 2020 وجولته في البحر الأحمركشفت حدود المعقول والـ”لا” معقول في “حكاية” القاعدة البحرية الروسية.. ومع ذلك حاولت أمريكا أن تستثمر الحكاية في إيصال رسائل أهم في قطاع الذهب الذي يرتبط باستثمارات روسية تثير قلق الغرب حقيقة..

ومن الحكمة طالما أن سواحل البحر الأحمر السودانية تمثل موقعاً جيوبوليتكي مثير لاهتمام الغرب أن تكون الرؤية والنظرة الجيواستراتيجية سودانية خالصة، فبدلاً من انتظار الأخرين ليعلنوا ما يتمنونه ثم يرد آخرون بالقبول أو الرفض أصالة عن حساباتهم الخاصة.. الأجدر أن يضع السودان خطة متكاملة لاستثمارات بحرية على طول 800 كيلومتر من سواحل البحر الأحمر.. بالصورة المثلى التي تحقق أعلى مكاسب للشعب السوداني أولاً..

وفي هذا الإطار يأتي ميناء أبوعمامة (270 كيلومتراً شمال بورتسودان) في رأس قائمة المشروعات ذات البعد الاسترايتيجي للسودان، خاصة أن كل التحديات التي تقف أمامه تحولت إلى فرص.. فالعقد الذي وقعته مجموعة موانيء أبوظبي بالتضامن مع شركة “انفيكتوس”العالمية مع وزارة المالية يمثل واحداً فقط من مشروعات صالحة لترفيع العائد الاستراتيتجي من شواطيء البحر الأحمر السودانية، بدلاً من أن تترك للمحاور العالمية لتستخدمها طواحين هواء في معركة وهمية..

أعددت تحقيقاً من عدة حلقات حول مشروع “ميناء أبوعمامة” سأبدأ نشره بداية الأسبوع المقبل.. ليدرك الشعب السودان أن الكرة في ملعبه.. وإنه قادر على إدارة مصالحه الاستراتيجية بيده لا بيد عمرو.

مقالات ذات صلة