عثمان جلال يكتب : حول لقاء الكباشي وعبد الرحيم دقلو وسيناريوهات نهاية الحرب

(١).
رشحت معلومات عن اجتماعات سرية تمت في العاصمة البحرينية المنامة بين الفريق اول شمس الدين الكباشي والمتمرد عبد الرحيم دقلو تمهيدا لاستئناف المفاوضات المباشرة بين الجيش والمليشيا في منبر جدة بعد تجميد السودان عضويته في منظمة الايغاد لانحيازها لمليشيا آل دقلو بعد ان اغدقت دولة الامارات القناطير المقنطرة من الذهب والاموال على قادتها رقيق السياسة المرتشين.
(٢).
معلوم ان الحرب في الفقه السياسي هي ادارة القضايا السياسية بأدوات العنف وذلك في حالة تعذر آليات الحوار والعقلانية، ولكن هل لأسرة آل دقلو قضية سياسية سوى شبقها الجامح لابتلاع الدولة السودانية وتمكين العطاوة وعربان الشتات من الاستيطان في السودان وتشييد مملكة عطية او الجنيد يتوارثونها جيلا بعد جيل ؟؟
لقد ظلت أسرة آل دقلو تخطط لهذا المشروع الاجرامي بتمويل ورعاية دولة الامارات العربية منذ صعود المتمرد حميدتي لمنصب الرجل الثاني في الدولة بعد انتفاضة ديسمبر ٢٠١٨ وابتنى لتحقيق هذا الحلم امبراطوريته العسكرية والاقتصادية وشبكة تحالفاته السياسية المحلية والاقليمية والدولية.
ولأن اسرة آل دقلو تعي استحالة أيلولة الحكم لهم في السودان بالادوات الديمقراطية الناعمة لادراكهم ان الشعب السوداني لقاح لا يدين للملوك والسلاطين والدجالين فهو شعب يتوجه بكلياته كل يوم خمس مرات صوب الكعبة مكبرا الله اكبر والبيت الحرام سمي بالبيت العتيق لانه لم يزل عتيقا حرا لم يملكه أحد وهكذا اراد الله الحرية والطلاقة للانسانية جمعاء.ولذلك حددوا ساعة الصفر وشنوا حربهم المدمرة وغير الاخلاقية ضد الجيش ومؤسسات الدولة والمجتمع بالشناعة والبشاعة التي تبرأ منها حتى ابو الانتهازية ميكافيلي عندما قال موجها نصيحته للأمراء (ان قتل الافراد والابرياء ليس من الاخلاق ويمكن ان يصنع لك القوة وليس المجد والشرف).
(٣).
عودا على بدء منذ اليوم الاول لتمرد مليشيا آل دقلو ظلت مسارات التفاوض والعمليات العسكرية مستمرة بدءا باتصالات القادة مني اركو مناوي ، ومالك عقار وجبريل ابراهيم بقائد المليشيا حميدتي والذي كان رده لهم بضرورة استسلام قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الفريق اول البرهان، ثم توالت مبادرات منبر جدة برعاية امريكية سعودية والذي اقر بضرورة انسحاب المليشيا من منازل المواطنين والاعيان المدنية والمرافق الخدمية ومؤسسات الدولة التي نهبتها ودمرتها ولا تزال عالقة فيها
ثم مبادرة دول الجوار السوداني ثم توحدت المبادرات وانصبت في منبر الايغاد الذي تجمد لتماهيه مع مشروع التمرد
والان سيعود الطرفين للتفاوض عبر منبر جدة كما بدأ.
(٤).
كما تعلمون فقد انتهت اغلب الحروب التاريخية في العالم على مائدة المفاوضات ،بالتالي فلا مناص من ذهاب وفد التفاوض السوداني الى منبر جدة ولكن هذه الجولة ستكون من مركز القوة الذي احدثته معادلة تداعي المقاومة الشعبية الشاملة والمسلحة في خندق معركة الكرامة مع الجيش السوداني وهذه الارادة الجمعية ستنتصر في النهاية لان ارادة الشعوب لا تقهر.
لكن تبقى الأسئلة الاستراتيجية عن المسارات النهائية للتفاوض دائرة، فهل الشعب السوداني لديه القابلية والاستعداد النفسي للتعايش مع مليشيا ال دقلو ؟
وهل عقيدة الجيش السوداني لديها القابلية لدمج المليشيا في بنيته المؤسسية بعد كل هذه الجرائم والانتهاكات؟؟
وهل بنية الدولة السودانية قابلة لاعادة تدوير أسرة ال دقلو من جديد وهم في الاصل يخططون لهدمها وتفكيك جيشها وافراغ مجتمعاتها وتوطين اعراب الشتات من دول الساحل الافريقي وتشييد مملكة الجنيد على انقاض ميراث الدولة السودانية؟؟
وهل سلوك مليشيا آل دقلو في مناطق سيطرتهم ينم على سلوك بشري وانساني قابل للتعايش معه دعك من سلوك افراد وقادة دولة ؟؟؟
(٥).
صفوة القول ان مشروع آل دقلو يقف على تضاد بنيوي مع قضايا البناء الوطني والديمقراطي ومفاهيم الدولة المعاصرة الناظمة لها والتي تعظم قيم الحرية والانسانية والمواطنة والعدالة والمساواة والتنوع ولذلك يجب القطيعة مع هذا المشروع بتصفيته الناجزة من جذوره.
وان كان ذلك كذلك فان هذه الحرب صفرية إما ان تنتهي بهزيمة هذا المشروع التصفوي والعنصري في الميدان العسكري او ان تسعف قيادة المليشيا يقظة ضمير واخلاق ويعتذرون جهارا للشعب السوداني عن الجرائم التي اقترفوها في الحق الخاص والعام ، ثم يعلنون الاستعداد للتفاوض من اجل وقف الحرب وحل وتسريح المليشيا دون دمجها في المؤسسات العسكرية النظامية بل لإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع السوداني،عندها سيرد الشعب السوداني التحية بأحسن منها، ولمن صبر وغفر فإن ذلك من عزم الامور.

الاحد / ٢٨ يناير ٢٠٢٤

مقالات ذات صلة