مشهد جديد .. عبدالسميع العمراني يكتب : البحث عن حل الأزمة السودانية في عواصم الجليد.. والمعدة السودانية لاتهضم الوجبات الباردة

تصريح مقتضب ادلي به عضو حزب المؤتمر السوداني نورالدين صلاح وهو احد ضحايا مليشيا الدعم السريع إذ تم سجنه وتعذيبه ومن ثم اطلاق سراحه بعد فترة احتجاز طويلة خلال الشهور الأولى من الحرب، خرج نورالدين صلاح من المعتقل وهو لازال حتى الآن يبحث عن إجابة شافية لماذا تم اعتقاله؟ وتعذيبه!! فهو اصلا ينتمي إلى حزب الدقير احد قادة تقدم المناصرين سرا وعلانية للدعم السريع ، ونعود الي تصريح القيادي الشاب بالمؤتمر السوداني والذي كشف عن جولة جديدة من المفاوضات متوقع ان تعقد في جنيف بسويسرا بين تنسيقية تقدم برئاسة حمدوك والكتلة الديمقراطية برئاسة جعفر الميرغني ، وذلك استكمالا لجلسة باريس والتي عقدت تحت غطاء توفير الدعم المالي للقضايا الإنسانية، الا ان الرؤى خلال جلسات باريس قد تباعدت بين الطرفين، إذ لاحظ اعضاء الكتلة الديمقراطية وبعض قادة الإدارة الأهلية مثل السلطان سعد الدين ان برنامج المصالحة والتوافق المقترح يقضي بإعادة انتاج الدعم السريع وتشريع عودته الي الحياة السياسية والاقتصادية بإعادة كل شركاته واملاكه بل والادهى والأمر عودة وضعه العسكري كما كان في فترة ماقبل الخامس عشر من ابريل ٢٠٢٣ م.
َخلال جلسات باريس قوبل المقترح برفض قاطع من أعضاء الكتلة الديمقراطية وهدد السلطان سعدالدين عبدالرحمن بحرالدين بمغادرة قاعة الاجتماعات في حال تمسك قيادات تقدم بالمقترحات الواردة في وثيقة المصالحة.
بعد فشل جولة باريس لم تيأس الجهات الساعية الي إعادة تقدم إلى المشهد السياسي السوداني باي ثمن ، فهي قد رتبت الي جلسات جديدة بين الطرفين ستعقد في جنيف وبعدها ربما بروكسل او برلين والهدف هو ارجاع تكتل الحرية والتغيير (تقدم) الي الحكم مرة أخرى عبر الاتفاق الإطاري بنسخة أوربية جديدة والسعي لادماجهم في مفاوضات جدة المرتقبة، وهم إذ يرتبون ذلك لم يشيروا او ينوهوا إلى وجود طرف هام في المعادلة وهو القوات المسلحة السودانية والتي تمثل الان الدولة السودانية وهي التي تقاتل من اجل حفظ التراب السوداني واعادة الأمن والاستقرار للمواطن، وهو قتال تدفع فيه القوات المسلحة السودانية اثمان باهظة وفقدت خلاله اراوحا غالية، ومن دفعوا حياتهم ثمنا في هذه الحرب المفروضة ماتوا شهداء من اجل كرامة وعزة السودان وهي الكرامة التي تريد دول أوربية وأخرى اقليمية مع منظمات مشبوهة تريد ان تسلبها من السودان وتجعله دولة بلا اخلاق وبلا كرامة وبلا أمن ليكون مطية و دمية سهلة المنال والتطويع في ايادي الشر التي تشكل البلدان كيفما أرادت.
لايمكن أن يتم حل المشكل السوداني عبر جولات التفاوض وورش العمل التي تعقد في عواصم الجليد فهذه وجبات شديدة البرودة لن تهضمها المعدة السودانية التي تعودت على البلدي المعتق برائحة وتوابل السودان وارضه البكر.
وان تخلت تقدم عن أحلامها وطموحاتها المستحيلة القاضية بأن تعود إلى القصر الجمهوري عبر الضغوط الغربية حتى تحكم منفردة او بأتلاف نسبي لمجموعة الكتلة الديمقراطية وتريد ان تحكم السودان دون تفويض من الشعب السوداني فقد تحكم بتوجيهات ومزاج وتعليمات من يسعون الي إعادتها الي المشهد السياسي فهذه ستكون بضاعة خاسرة وسيطول غيابهم وستتطاول جلساتهم لتكرار المكرر وترديد عبارات تم استهلاكها كثيرا في اروقة القاعات واعادة نشرها علي وسائل الإعلام المحلية والعالمية وهي عبارات ظلت تقدم ترددها باستمرار ( الحكم المدني، الكيزان، التحول الديمقراطي ، تفكيك جيش الحركة الاسلامية، لا للحرب ) وغيرها من بضاعة الوهم التي يتم بيعها وتسويقها في الخارج.
الواقع ان حدوث توافق سياسي بالسودان بوصفة غربية قادمة من الخارج دون إشراك كل المكونات السياسية السودانية ودون اقصاء لاي طرف، يبقي حدوث ذلك التوافق من المستحيلات الاربعة لأن الاقصاء السياسي هو سبب أزمات السودان منذ الاستقلال، فلابد من ان يعترف الجميع باخطائهم في حق الشعب السوداني منذ الاستقلال في العام ١٩٥٦ م ، بعد الجلوس على مائدة مستديرة لحل أزمات السودان والتوافق على مشروع وطني شامل ، والغريبة دا مش كلامي يشهد الله دا كلام حمدوك بنفسه وقد سمعته منه مباشرة خلال مناسبة بمنزل الاخ محمد ساتي احد أصدقاء حمدوك والذي يعمل ببرنامج الغذاء العالمي، فهل تغيرت رؤيته وتبدلت كلماته بعد ان عاد للسودان رئيسا الوزراء .

مقالات ذات صلة