كتب خالد حاج علي أدروب : نانسي في قلب الإمارات _ أقرأ فتعجب

حقيقة لا أعتقد هنالك من يتخيل المطربة نانسي بمكانة الأستاذة الراحلة المقيمة [عشة الفلاتية] ولا اعتقد ان تبلغ المطربة نانسي جزء من تاريخ الفلاتية في الأرث والغناء والتجربة والثراء التطريبي إذ تعتبر الفلاتية من اوائل الذين استحدثوا الاغنية السودانية التي تتغني بها نانسي الآن لأن الفلاتية من ريحة [العبقري] كاشف الاغنية الحديثة في 1943 ومحدثيها في حقبتها الثالثة والأخيرة بالاروكسترا والموسيقى كما تعتبر الفلاتية الرائدة النسوية الفنية الغنائية في السودان .
فما بال الفلاتية بكل إرثها ومكانتها تتغنى لجيش بلادها قبل ميلاد المطربة نانسي بل قبل ميلادي ! في اعزب سيمفونية غردت بها ابان الحرب العالمية

[يجو عايدين ضباطنا المهندسين
يجو عايدين الفتحو كرن باينين]

ومازالت هذه السيمفونية خالدة يتوارثها الأجيال جيل بعد جيل اما لخليلنا قصة من النبال [عازة في هواك عازة نحن الرجال] ولا انسى رائعة المهندس محمود ابوبكر صاغة الذي انخرط في صفوف الجيش متطوعا باشهر نصوصه [ صه ياكنار] متغنيا حينها [ واذا تبدد شمل قومك فاجمعن* واذا أبو فاضرب بعزمك مفردا* البندقية في بداد بيوتها* طلعت بمجد ليس بالمتجدد،]

مع هذا وذاك دعوني أقف على صوت المطربة نانسي من حيث تصنيف وتقييم الأصوات فنيا ومن حيث القياس لاغير ،حقيقة انا لست بناقد فني كما ان نانسي بلاشك مطربة ولها جماهيرها ومتذوقي اغنياتها ، لكني كصحفي وأعلامي وجزء من قبيلة الأدب والفن كشاعر وقاص ايضا لي رأي تتفقوا معي فيه أو تختلفوا معي فيه فهو يظل رأيي أنا لاغير، بحيث انني لا اتذوق قطعا اغنيات نانسي ولا لحنها ولا موسيقاها لاني اعتقد انها نخبوية لاتلامس ذوقي العام وثقافتي المترعة بالتقاطعات القومية كما أدعوا المطربة نانسي ان لا تنزعج من هذا النقد إذ تعتبره فقط من باب [الناس اذواق] انا شخصيا اتمرد على الطبيعة اكتب احيانا نصا” شاعريا ساحرا في الجمال استمتع جدا بالسلم السوداني تشدني ملحمة الباشكاتب ، يسحرني العميد احمد المصطفى بأغنيات الوطن و الحماسة كما استمتع بالريق والحقيبة والاغنية ويلهمني الكابلي في [ اسيا وافريقيا] وكذا الاصوات الماجنة بالثقافة والمترعة بالجمال والواقعية المهيبة كندى محمد عثمان ومكارم بشير واخريات… نادرا ما اتذوق اصوات [السيبرانو الخفيف] هذا لايعني السيبرانو في حروفه كلها لكن لأن صوت نانسي في اعتقادي يعد من اصوات [السيبرانو الدرامي]، الذي تطغى عليه التراجيدية والدرامة المفرطة إذ أنه لا يصلح الا لشارات المسلسلات او بالاحرى لبعض الاغنيات ذات الطابع التراجيدي، او [الكاركتر] في ادوار مسرحية تشابه ذلك، هذا ليس تقليلا من اصوات السبرانو الدرامي بل هنالك عديد من الاصوات السبرانوية تلهمني لكن بالتأكيد لم تكن المخلوطة مابين التراجيدي والدرامي .

أما فيما يختص بعدم تغنيها للجيش وغناءها في قلب الأمارات انا شخصيا لم يزعجني ذلك لو كان الأمر بيدي لما عاتبتها بعيدا من أراءها وقريبا من صوتها واداءها لأن الغناء للجيش او للحرب يحتاج لأصوات نسوية مهيبة وحماسية ووجيعة وشاعرة بالواقع ومترعة بالثقافة السودانية الكاملة والوجعة التي نعيشها في البلاد من حرب نعتبرها وجودية تتقاصر فيها الأشياء ولاتتساوي فيها كل سوءات الحقب السابقة اذا ما قورنت بما عشناه قبل 2019 ومانعيشة الآن دعك من الثورة المزعومة التي تغنت لها نانسي،

الغناء للجيش يحتاج لأصوات فنية ليست على و[اقع السبرانو التراجيدي والدرامي] او مثل هذه الاصوات البكائية، بل يحتاج لأصوات من[ الكونترالطو] الفخيم الذي يمتاز بالهيبة والقوة والرجاحة، اذا كان صوتا نسويا بالتأكيد سيكون كأصوات جداتنا في المرثيات القديمة وكاصوات الحكامات وايضا كصوت الفخيمات من بعض [بناتنا] المطربات في الساحة غيرها من ذوات [الكونترالطو] لانه يتماشى مع الثقافة المجتمعية والشكليات الثقافية السودانية بصورة كلية وليست نخبوية لذلك بالاشارة لكل ماذكرته من اسباب تظل نانسي ليست من المقرر بهم ان يتغنوا للجيش لتظل عندي من المعفيات من الغناء للجيش تماما” وكفى..

مقالات ذات صلة