مظاهرات 30 يونيو .. التعادل دون اصابات

 اكدت جولة لسونا في وسط مدن الخرطوم وبحري وامدرمان انتهت في السادسة والنصف من مساء اليوم الثلاثاء عودة الهدوء التام لقلب العاصمة المثلثة.

وتفرق المتظاهرون ذوي المشارب والمآرب الشتى، الذين انتشروا في بعض انحاء المدن الثلاث طوال النصف الثاني من النهار، لكن الحياة لم تعد لطبيعتها بعد، حيث لا زالت حركة المرور والناس في الشوارع محدودة للغاية ولازالت الشوراع الرئيسية المؤدية للقيلدة العامة للقوات المسحلة مغلقة اضافة لاقل كيلومتر واحد من شارع الموردة جنوب مبني البرلمان .

اهم ما يلفت النظر في مظاهرات اليوم التي دعا اليها وشارك فيها الاسلاميون والشيوعيون وبعض اطراف لجان المقاومة وجماعات اخري مختلفة، انها لم تشهد اراقة دماء وسقوط ضحايا، مثل العديد من المظاهرات التي شهدتها الخرطوم لسنوات، حسب التقارير الواردة حتى السابعة.

وبالعكس من المرات السابقة، لم يُشاهد في الشوراع من القوات النظامية، سوى قوات الشرطة التي اتسم تعاملها مع المتظاهرين في مجمله بالمهنية والصبر والميل لتجنب الاحتكاك بالمتظاهرين، بالرغم من انها اضطرت لاستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين اغلقوا الطرقات بطريقة غير مقبولة تتجاوز حماية المتظاهرين او اقتربوا من مؤسسات الدولة التي يجب الشرطة حمايتها وتأمينها.

كما اثبتت هذه التظاهرات ان حملات وسائل التواصل الاجتماعي المحشوة بأنصاف الحقائق والاكاذيب الكاملة الدسم قد ضللت انصار الحكومة ومعارضيها معا، فقد ضخمت مخاوف داعمي الحكومة وحقنتهم بجرعة زائدة من القلق ومنحت معارضيها احساسا زائفا ومتورما بأنها فرصتهم لاسقاطها واستئصالها وانتهت بتركهم نهبا للخذلان وخيبة الامل، وارسل الغالبية العظمى من الحانقين على الحكومة بسبب الضائقة المعيشية رسالة واضحة لانصار النظام البائد بأنهم خارج اية معادلة تنشد مستقبلا افضل للبلاد.

ومن اللافت ايضا ان معظم عواصم الولايات قد شهدت تظاهرات مماثلة لكن غالبية مطالبها كانت ذات طابع ولائي ترتبط بالساسة والسياسات المحلية في كل من مدني و نيالا وكوستي ودنقلا وعطبرة مما يشي ببزوغ وعي سياسي جديد متحرر من التبعية للمركز.

كانت مواكب الثلاثين من يونية 2021، على اية حال، تمرينا ديموقراطيا جيدا وضروريا لكل الاطراف، فقد اثبتت ان بوسع السودانيين ان يمارسوا حقهم المشروع في التعبير عن مواقفهم السياسية بالتظاهر السلمي والاحتجاج دون اراقة دماء ودون ان يكون ذلك سببا لاسقاط الحكومة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *