لقاح الكرونا…وحديث المؤامرة
بقلم محمد هاشم عثمان
كانت البداية في عام 1789م…في قرية تظلها الطيور المهاجره وتنشق أرضها فتخرج نبتا زاهيا وترعي في حقولها أبقار مضرعه.
تلك هي قرية “باركلي” في وسط إنجلترا..القرية التي أنجبت إدوارد جنر…”أبو اللقاحات”.. تربي يتيما ، فقد أبويه وهو دون الخامسة ولكنه لم يكن فقيرا، ورث عن أبيه الذي درس في أكسفورد مزارعا وحقولا، أغنته عن السعي في طلب المعايش..فتفرغ للعلم والتعلم فبحث عن الطيور المهاجره وعن تسميد الارض بالدم ثم بحث عن الامراض مطببا.
جاء صبي إلي إدوارد جنر فقال له يا دكتور “إنني لن أصاب بعد اليوم بمرض الجدري” .. قالها الصبي وهو يقلب يديه التي عليها تقرحات و بثور جدري الأبقار…قال له إدوار مستهزءا ولما هذا (يا عنتر إنجلترا) والجدري يصيب كل الناس الملوك والملكات!!. قال الصبي لانني أصبت بجدري البقر وهذا يكسبني مناعة ضد جدري الإنسان.
إنشغل إدوارد بمن امامه من المرضي مستخفا بكلام الصبي و مدعيا ان الحديث معه لا قيمة له.
مرض الجدري…لم يعرف التاريخ البشري مرضا فتاكا مثله..مرض فيروسي يقتل واحدا في كل ثلاثه…..ومبلغ علم الأطباء آنذاك ان ينصحوا المريض ألا يضع “المرآة” في البيت!!!!! لأن المريض إذا رأي نفسه خاف من نفسه علي نفسه..فلا يجد في جسمه بقعة ظاهرة أو باطنة إلا عليها بثور بارزه متلاحمه متقيحه ..فيولي من شكله هاربا إلي الانتحار!
هنا تجلت عبقريه إدوارد جنر..فجمع المتناثر من العلوم والملاحظات وتذكر ما قاله الصبي و علم مما كان يمارسه الاتراك في بلدهم إذ يأخذون من جدري الابقار فيطعمون أطفالهم فلا يصابوا بمرض الجدري.
أجري إدوار جنر تجارب اكلينيكيه بالتطعيم بجدري البقر علي اطفال قريته حتي اثبت ان التطعيم يمنع المرض..ومن هنا تسابقت الناس كما يتسابقون الآن في التطعيم ضد مرض الجدري…فقضي علي مرض كاد أن يقضي علي البشريه…حتي أعلنت منظمه الصحه العالميه خلو الارض من الجدري عام ١٩٧٢م.
ان لقاح الجدري لم يخلو من نظريات المؤامره…وتحركت أجهزه الدعايه المضادة للقاحات..واتهموا ادوار جنر بالمجرم الذي يعمل ضد اراده الإله…ثم قالوا: ان لقاح الجدري مأخوذ من الابقار…واخرجوا كلامهم في شكل علمي…قائلين أن خلايا الأبقار تتكاثر بصورة أسرع من خلايا الانسان..فما يلبث الشخص الذي اخذ اللقاح ان يتحول إلي بقر..واستعانوا علي ذلك بلوحات ورسومات تظهر الناس بقرون وضروع الأبقار.
ثم توجهوا إلي الهند وقالوا لهم كيف تتطعمون اولادكم بجزء من إلهكم…فامتنعوا عن التطعيم…حتي اخرج لهم صحفي وثيقة تبين أن أحد شيوخهم كان يطعم الناس بمخلفات جدري أبقار. استعان اهل المؤامره بالمشاهير فاستقطبوا معهم أشخاصا كأمثال برنادشو.
وجاء لقاح كرونا بعد أن قنط الناس في العلاج ..وظهر معه المرجفون أصحاب النظريات التآمريه ضد اللقاحات.
لقاح كرونا….انه من عجائب القدر ان يكون نتاج أول لقاح مرخص به بواسطة باحثين أتراك..كما كان استلهام إدوارد جنر لفكرته من ممارسات التطعيم التي كان يقوم بها الاتراك في بلادهم !!.
وجاءت كل أمة بلقاحها…جاءت بريطانيا مستخدمة فيروس تصيب القرود مهجنة بجينات نتوءات الكرونا التي تنتج بروتين الالتصاق بخلايا جسم الانسان…الهدف هو إنتاج مضادات حيويه تمنع دخول الكرونا إلي داخل الخليه…فيصبح الإنسان مقاوما لمرض الكرونا..
وجاءت الصين بثلاث لقاحات منها النوع التقليدي الذي يعتمد علي فيروسات كرونا الميته..ومنها النوع الهجين المصنع بالهندسه الوراثيه..
وجاءت روسيا بلقاحها الهجين بفيروس النزله العاديه.
وجاءت شركة فايزر..بمصلها الجيني “رنا” سباقة الأمم والشركات ..هذا الجين يحمل بروتين الالتصاق بالخليه..ولا دليل ان هذا الجين يؤثر علي جينات الإنسان ولا يكون جزءا منها.
كثرت هواجس الناس من اللقاحات خاصة بعد انطلاق الحركه العالميه لمقاومه اللقاحات التي كان منشأها قديما من أيام ادوارد جنر…”ابو اللقاحات”..
نقول ان اي لقاح قبل أن يجاز..يفحص كل النتائج المعمليه والاكلينكيه فحصا دقيقا بواسطة متخصصين.
فمثلا قدمت شركة فايزر تقريرا من ١٠ ألف صفحة عن التجارب في الحيوانات و المتطوعين في الأبحاث الذين فاق عددهم ٢٠ ألف شخص.
إن اللقاح كأي دواء يتوقع منه بعض الاثار الجانبيه كالحمي والصداع لمدة تزيد قليلا أو تنقص عن ثلاثة ايام..
إن اللقاحات في عمومها هي من أنجح الطرق لمقاومة الأمراض والتخلص نهائيا من المرض وأبين مثال علي ذلك هو مرض الجدري الذي غادر كوكبنا إلي الابد باذن الله…
نسأل الله الكريم أن يختفي مرض الكرونا حتي ينعم الانسان بحياة طيبه كريمة علي كوكب الأرض.
مع تحياتي
محمد هاشم عثمان
جامعة يورك بريطانيا..
10/12/2020