هجو احمد يكتب بقلم مراقب: استثمارات الجيش هل هي بدعة ام في الامر خدعة؟!

1
تظل المؤسسة العسكرية والمنظومة الامنية  عنصرا مهما ومكون اساسي لايستقيم مفهوم الدولة بدونها واكتمال اركانها وهيئتها وسيادتها وأمنها واستقرارها…
2
وعلي مدي تاريخ نشأة الدولة  قديما وحديثا  تبقي المؤسسه العسكريه والجيوش  حاضرة و فاعلة سياسيا اقتصاديا تنمويا  واجتماعيا هكذا هو طبيعة  الحال في كل ارجاء المعموره وكل جيوش العالم …

تعد  الموسسة العسكريه في السودان منذ ميلادها و نشأتها  (قوة دفاع السودان) هي سابقه لتشكل الدولة الوطنيه الحديثة نفسها قبل الاستقلال وهي احدي ممسكات البناء القومي والوطني وعنصر من عناصر اكتمال الدوله السودانيه وفقا لعقيدتها القتاليه وتركيبتها القوميه ..

ولعل هذه البنية القوميه والوطنيه المتنوعة التي نشأت عليها وتأسست بها جهويا  ثقافيا واجتماعيا بين افرادها العسكريين  جعل من القوات المسلحة ان تكون لها  ادوار متعاظه اقتصادية اجتماعيه وسياسيه اضافه لمهمتها الاساسية الدفاعيه وهي تؤدي واجبها الوطني في حمايه الارض والعرض وحفظ الامن والاستقرار..
3
ومع تراجع الحروب التقليديه المتعارف عليها في ظل التطور التقني والتكنولوجي وتغير المفاهيم في الوظائف والمهام  الدفاعيه نسبيا اصبح  لزاما حتمية مسايرة هذا التقدم و التطور المتسارع  والولوج الي عالم الاستثمار و التنميه والاقتصاد وبناء الشركات والشراكات لمواجهة متطلبات العصر والحداثة كمؤسسة من مؤسسات الدولة الراسخة و المهمة التي تتعدد مهماتها ومهامها في عالم متغيير  تتطور مفاهيمه وادواته..
4
القوات المسلحة السودانيه كموسسه ذات ريادة بسبب عقيدتها الانضباطية وقوة تنظيمها وخبراتها العسكريه المتراكمة منذ فجر تاريخها وطوال مسيرتها  حققت نجاحا كبيرا في انجاز مهامها المتعدده والمتنوعه و القيام بمجموعة من الانشطة الاقتصاديه  والممارسات والمهام التي تسهم في عمليات التنميه وخدمة المجتمع والدولة حسب ما تقتضيه متطلبات العصر في كافة المجالات مثلها مثل كل جيوش العالم كما يفعل الجيش المصري فهو يشرف على نحو 230‪0مشروع إنتاجي يعمل بها خمسة ملايين موظف مدني في جميع التخصصات في مجال استصلاح الأراضي،  الزراعة والإنتاج الحيواني ويمتلك أكثر من 97% من إجمالي مساحة الأراضي في مصر وفقا للقانون اما الجيش الإيطالي، فقد شارك في تأمين الصناعات الدوائية للسكان، منذ القرن التاسع عشر وحتي اليوم وكذلك الجيش الامريكي نفسه لقد
استثمر نحو 44 مليار دولار في الفترة من 2006 وحتى 2013، فيما اعتبر أكبر إنفاق في الجهود المدنية منذ الحرب العالمية الثانية بل انه قد اعلن عن فتح مكتب في (وادي السليكون) للاستثمار في صناعة التكنولوجيا حول العالم وكذلك الجيش الهندي والباكستاني والصيني والتركي وكل جيوش العالم تفعل ذلك فلماذا اذن هذه الدعوات لتجريد القوات المسلحة السودانيه من قوتها الاقتصاديه؟؟ وجعلها بلا انياب وسط عالم متلاطم تتجاذبه المصالح والاطماع؟
5
ولمصلحة من تعمل هذه الحملات الاعلاميه التي تستهدف جيش البلاد؟؟ والذي انحاز للشعب استجابة لكل الثورات التي صنعها واخرها ثورة ديسمبر المجيده كشريك اصيل بنص الوثيقة الدستوريه…

والحق يجب ان  يقال أنه  علي مدي التاريخ لم تتعرض هذه الموسسة لما تتعرض له اليوم من حملات دعائيه مرسومة بدقة و انتقادات سالبة وفق خطة   ممنهجه تستهدف المؤسسة العسكرية في هيئتها وبنيتها  بطريقة لامثيل لها..

وذلك بسبب ما احدثته من طفرة كبيره في الصناعات العسكرية وخاصة التصنيع الحربي الذي صار علامة فارقة ونقلة نوعيه جعلت °القوات المسلحة من اهم الجيوش المؤهله فنيا وعسكريا وتقنيا علي مستوي القارة الافريقيه ودول الاقليم..
6
بالتالي ليس مستبعد  ان تتعرض للاستهداف  الممنهج استخباراتيا وسياسيا في قوالب وأشكال مختلفه عبر سعي دوؤب  لكثير من الاجندات المتحركة  التي تتلاقي هنا وهناك خارجيا وداخليا وفق سينياريوهات عدة تحت دعاوي الاصلاح واعادة الهيكله تارة وسيطرة الجيش علي الاقتصاد تارة اخري و اثارة الكثير من اللغط والجدل حول استثمارات الجيش وقوته الاقتصاديه وشركاته الناجحه في كافة المجالات..
7
مسألة شركات و استثمارات الجيش السوداني والتي يتم اثارتها بشكل كبير    يتضح انها بلا شك حملة مرسومة بدقة منظمة وممنهجه في اهدافها واشكالها واساليبها  وتنافي حقائق وطبيعة  الاشياء..

فالحقيقه المعلومة بداهة  أن مسألة الجيش الذي يمتلك قوة اقتصادية، ليست بدعة سودانيه  على الإطلاق، جاءت بها الموسسه العسكرية السودانيه فهناك عدد من الجيوش حول العالم تمتلك شركات اقتصادية، وتخوض بها المنافسة في الأسواق الحرة، وتساهم جنبا الي جنب مع كل مؤسسات الدولة في نهضة البلاد اقتصاديا من اجل تقدمها وتطورها بل هناك بعض الجيوش تقوم باحتكار العمل في كل السلع الاستراتيجية والمشاريع التنمويه الكبري
لمواجهة احتياجات ومتطلبات الجيوش المعتاده في التسليح والعتاد وكل ما يتعلق بالدعم اللوجستي للجيوش وكذلك المساهة في الحراك التنموي والاقتصادي وتحريك قطاعات الانتاج المختلفه..
8
وكل ذلك يجئ في اطار تعزيز العلاقة الطبيعية الراسخة  بين الجيش والمجتمع والشعب وفقا لمفهوم المواطنه ومعاني وقيم الوطنيه  من اجل بلورة المفاهيم السليمة في توطيد العلاقات (المدنية-العسكرية) في الدولة والمجتمع استنادا  علي تكامل الادوار والمشاركة في مواجهة التحديات وبناء الدولة بعيدًا عن النظريات (الصراعية) التي يؤسس لها البعض لخدمة الاجندات وتمرير سيناريوهات المؤامرات لضرب اهم مؤسسات الشعب عبر الاستهداف  المباشر وغير المباشر تحت فرية الارهاب واستثمارات الجيش ونشاطه الاقتصادي لمواجهة متطلبات العصر وفقا لمعايير بناء وتطور الجيوش في العالم المتعارف عليها والمتبعه في كل العالم  …
9
البعض يتمادي في نقده وهجومه علي المؤسسة العسكرية متناسيا انها من اهم مؤسسات الشعب ومكتسباته المهمه وانها ركن من اركان الدولة نفسها ولاتقوم الدولة بدونها فاصلاح الموسسة العسكرية واعادة بناءها وتطورها بما يتماشي مع قَوميتها ورفع قدراتها وكفاءتها  امر مقبول ومحمود  في سعي لتطويرها بما يؤهلها ان تقوم بواجباتها علي اكمل وجه..
10
كما ان مراجعة انشطتها الاقتصاديه واستثماراتها واخضاعها للمراجعة القانونيه  وفحصها باتباع الاجراءات المحاسبيه والاقتصاديه وحماية المنافسه والتنافسية للسوق الحر حسب قانون الطلب والعرض  تلك من طبائع الاشياء ولا غضاضة عليها..
ولكن بالمقابل ايضا يجب الاقرار ان  كل الدول تحرص علي المحافظة علي سرية البيانات وحساسيتها لموسساتها القومية والسياديه وخاصة مؤسساتها العسكرية والامنيه فهناك معايير متعارف علبها ومتبعه في كل انحاء العالم..

لان مثل هذه المؤسسات ذات الطبيعة الخاصة والحساسة لايمكن التعامل معها الا بكثير من الحذر  لانها عرضة للاستهداف من عدة جهات سياسيه وامنيه واستخباراتيه…
11
والسودان بموقعه الجيوسياسي  الاستراتيجي الحيوي ليس بعيدا عن مخططات تخريب وتدمير الجيوش واستنزاف قدراتها وامكانياتها وجعلها لقمة سائغة يسهل ابتلاعها لاجل صناعة الازمات والكوارث وضرب الامن القومي  والاستقرار كما حدث في العراق وليبيا وشيلي وغيرها من الدول للسيطرة علي الثروات والمولرد ونهب خيرات الشعوب وهذا بالتأكيد لن يحدث الا بعد ان يتم تفكيك الجيوش وتدميرها عبر كثير من الخدع السياسيه والامنيه والاقتصاديه…
12
فما يراه البعض ان القوة الاقتصاديه للجيش السوداني بدعه من البدع في حقيقه امره ماهو الا خدعة كبري لجر البلاد نحو الفوضي الخلاقة وصناعة الازمات والكوارث.

هجو احمد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *