علاء الدين محمد ابكر يكتب .. أعادة حق الاعتقال لجهاز المخابرات يعني تمزيق الوثيقة الدستورية

علاء الدين محمد ابكر يكتب ✍️ أعادة حق الاعتقال لجهاز المخابرات يعني تمزيق الوثيقة الدستورية

______________

ارتبط انهاء حصار قريش لبني هاشم بتمزيق تلك الصحيفة التي تم تعليقها في جوف الكعبة وبعد سنوات ثلاثة نزل الوحي من الله على النبي يخبره بأن الصحيفة قد سلط عليها دويبة ضعيفة فأكلت ورقتها إلا ما كان فيها من ذكر الله. لما أخبر الرسول عمه أبو طالب بذلك، انطلق إلى قريش يخبرهم بأمر الصحيفة وأن الأرضة قد أكلتها إلا اسم الله، ثم ساومهم على الخبر فقال: «إن كان كلام ابن أخي حقًا فانتهوا عن قطيعتنا، وإن يك كاذبًا دفعته إليكم، فقالوا: قد أنصفتنا». ومشوا إلى جوف الكعبة فوجدوا الصحيفة قد أكلتها الأرض ولم يبقى إلا اسم الله عليها وفي السنة العاشرة من بعثة النبي خرج بنو هاشم من الشعب بالتالي يمكن ان نخرج من القصة اعلاه باهمية احترام الطرفين بني هاشم وقريش للصحيفة( وثيقة المقاطعة) فاحترام العهود والمواثيق يعد قمة العدل والانصاف ويجب ربط الماضي بالحاضر اهتداء بالسيرة العطرة وفي دستور 2005م الانتقالي الذي صدر عقب توقيع اتفاق السلام الشامل مابين نظام المخلوع البشير والحركة الشعبية لتحرير السودان تم وضع هيكلة جديدة لجهاز الامن والمخابرات الوطني في ذلك الوقت ليكون تحت سلطة القانون الجنائي وبمثابة مستشار للدولة ليختص بجمع وتحليل المعلومات ولكن لم يحدث تنفيذ كامل بماورد في بالدستور ابان عهد المخلوع البشير فكان تدخل جهاز الامن في امور لاعلاقة له مثل ممارسة مهام الشرطة لتقديم مزيد من لحماية النظام السياسي انذاك فجعل موقفه ذلك العديد من السودانيين يفقدون الثقة في جهاز الامن فبدلا من ان يكون محايد يقف في مسافة واحدة من الجميع صار مساند لنظام سقط اخر المطاف وعقب ثورة ديسمبر كانت الاصوات عالية تطالب بضرورة حل جهاز الامن علي غرار ماحدث في العام 1985م عقب الاطاحة بنظام الجنرال الراحل النميري ولكن بسبب عدم تكرار ذات الخطا الذي وقع فيه قادة انتفاضة 1985 باصدار قرار بحل جهاز الامن بدون ايجاد بديل له يكون حارس لامن البلاد ومن خلال التباحث بين قوي الحرية والتغير والمجلس العسكري عقب سقوط نظام البشير اتفق الجميع (سياسين وعسكريين) من خلال الوثيقة الدستورية بضرورة اعادة هيكلة جهاز الامن علي اسس جديدة تراعي كرامة المواطن السوداني وتحترم حقوق الانسان ليكون جهاز نظامي يختص بالأمن الوطني وتقتصر مهامه على جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها للجهات المختصة ولكن بالامس تناولت وسائل الاعلام تصريحات بخصوص أصدر رئيس المجلس السيادي في السودان عبدالفتاح البرهان قراراً أعادة بموجبه حق الاعتقال لجهاز المخابرات ونوه القرار إلى صلاحيات جهاز المخابرات مرتبطة بحالة الطوارئ التي تشهدها البلاد واذا تاكد الخبر فان ذلك يصب في صالح الحراك الشعبي الذي ينتظم الشارع هذه الايام ويعتبر بمثابة تمزيق للوثيقة الدستورية وتراجع كبير في الحريات التي اتت نتاج نضال طويل توج في ثورة ديسمبر

فالاستعانة بجهاز الامن لتنفيذ مهام قضائية فان ذلك يجعل الدولة تظهر امام المجتمع الدولي بطابع عسكري بحت وسوف يكون بمثابة رجوع للمربع الاول قبل الاطاحة بنظام المخلوع البشير ويحمد انذاك للجيش والدعم السريع اختيار الانحياز للشعب السوداني والاقدام علي عزل نظام البشير في الحادي عشر من ابريل في العام ٢٠١٩م اذا يحتم عليهم حماية الثورة بعدم التراجع عن اهدافها المتمثل في (الحرية والسلام والعدالة) والامر لايستحق كل هذا القمع خاصة وان السيد الجنرال البرهان ظل يعلن دائما انه متمسك بالوفاء بالعبور بالفترة الانتقالية الي بر الامان وتسليم البلاد الي حكومة مدنية منتخبة ومايحدث من تظاهرات لا يخرج عن انه يعد من ضمن حرية التعبير اذا لم تتجاوز القانون السائد في البلاد في حفظ السلامة العامة فالبلاد تعيش في وضع صعب وتعطل لدولاب العمل بسبب التظاهرات التي لم ولن تتوقف الا اذا توافق ابناء السودان علي مخرج للمصالحة والحقيقة وليس هناك مخرج الا عبر تنظيم انتخابات مبكرة تنقل السودانيين، من مربع الخلاف الي مربع الاتفاق
وكما يقال ان المجرب لايجرب وفي السابق زج المخلوع البشير بجهاز الامن في امور سياسية كانت خصم عليه في اخر المطاف فالافضل لجهاز الامن ان يتفرغ الي المهام الموكلة له بحفظ امن البلاد عبر جمع وتحليل المعلومات وهي مهمة شاقة وتطلب التفرغ التام وحتي يكون موضع ثقة الجميع

لقد تجاوز العالم تلك المحطة التي يعتقل فيها شخص بسبب ابداء راي سياسي مناهض للنظام فصار التواصل متاح مابين كل فئات المجتمع ويكفي ماحدث بالامس لرئيس اقوي دولة في العالم حيث وجه متصل أميركي إهانة الى الرئيس جو بايدن الجمعة عندما قال له عبر الهاتف عبارة “هيا بنا يا براندون”، وهي عبارة مشفرة يستخدمها أنصار دونالد ترامب لشتم الرئيس، وذلك خلال مناسبة خاصة بعيد الميلاد في البيت الابيض.وجرت هذه الواقعة خلال لقاء عبر الفيديو بين الرئيس جو بايدن وزوجته جيل مع “قيادة دفاع الفضاء الجوي لأميركا الشمالية (نوراد) الذي يتعقب سانتا كلوز حول العالم وفق تقليد أميركي وبعد أن أطمأن الرئيس الى نشاط سانا كلوز، بدأ بتلقي اتصالات هاتفية من عائلات أميركية وفي اتصال مع والد لأربعة أطفال يدعى جاريد، تبادل بايدن في البداية أحاديث مقتضبة مع أطفاله حول الهدايا التي يودون الحصول عليها في عيد الميلاد، كما أشار الرئيس الى قاسم مشترك مع جاريد وهو أن كليهما لديه ابن يدعى هانتر وفي نهاية الاتصال تمنى بايدن لجاريد عيد ميلاد سعيد، ورد جاريد “أتمنى لكما ايضا عيد ميلاد رائع ايضا، عيد ميلاد سعيد وهيا بنا يا براندون
وعبارة “هيا بنا يا براندون” كناية عن تعبير مهين ابتدعه أنصار ترامب لشتم بايدن، وقد ظهر حين أساء مذيع فهم عبارة “اللعنة على بايدن” (فاك جو بايدن) خلال اجرائه مقابلة مع بطل سباق السيارات الأميركي براندون براون في /سبتمبر الماضي ومنذ ذلك الحين تم استخدام هذه العبارة من قبل أنصار ترامب كشعار سياسي. ورغم. ذلك لم تقوم وكالة المخابرات المركزية (CIA) او جهاز مكتب التحقيقات الفيدرالي( FBI ) بمطاردة الرجل والقبض عليه بحجة اهانة راس النظام الامريكي ولكنه العدل واحترام الدستور الذي ينص علي حق التعبير وفي الاثر الاسلامي نجد في قصة عدل الفاروق عمر بن الخطاب كل معاني حرية التعبير والتي يجب ان يعرفها كل حاكم وتقول القصة
( وقف الفاروق يوزع على المسلمين عطاياهم ، و فجأة يجد أمامه ” أبو مريم الحنفي ” قاتل شقيقه الصحابي الجليل “زيد بن الخطاب” في حروب الردة ، فيقول له الفاروق : أنت قاتل زيد؟
فيرد الرجل : نعم أنا قاتله ،
فيرد الفاروق : اغرب عن وجهي فأنا لا أحبك حتى تحب الأرض الدماء ..
فيقول الرجل : و هل يمنعني هذا حقي ؟
و هل يحل لهذا جلد ظهري؟
فيقول الفاروق : لا ..
فيقول ” أبو مريم ” : مالي و لحبك ؟!
فلا على الحب يبكي إلا النساء ..
فيشعر سيدنا عمر بصفاقة رد الرجل و ينصرف عنه بعد ان يعطيه حقه ..
لقد كان الفاروق بيده أن يثأر لأخيه ، مستغلا بجاحة الرجل و تعجرفه ، و أن يجعل منه ” نكالا و عبرة ” ، تحت زعم المساس بهيبة الدولة و الخليفة ، و لكن الفاروق العظيم و الذي اقترن اسمه بالعدل لم يجعل من ثأره لنفسه ذريعة للثأر لأخيه أو العكس )

ان السودان لايحتمل مزيد من الخلافات ويعاني شعبه من الجوع والفقر والبطالة و المطالب الحقيقية لمعظم الناس لا تخرج عن الحق فيالعيش الكريم تحت ظل دولة القانون والامن الحقيقي يكمن في توفير الامان والعدل والغذاء للفقراء فالله تعالي يقول (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ )
صدق الله العظيم
اذا الافضل توجيه جهاز الامن لمحاربة التجار الجشعين ومهربي موارد البلاد مع الاسراع في تنظيم انتخابات حرة مبكرة تنقل السلطة الي الشعب ليمارس كامل حقه في ادارة البلاد عبر هياكل دستورية تستند عليها الدولة

المتاريس
علاء الدين محمد ابكر
Alaam9770@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *