حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب : تسريبات الحكومة..

نقل موقع قناة “الشرق” معلومات عن مشاورات تجري لتشكيل الحكومة، و كان أول من تحدث عن تشكيل حكومة هو السيد مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة في شهر سبتمبر 2023 الماضي، وحدد لها موعدا تجاوزه الزمن الآن..

و خلال الشهرين الماضيين تسربت معلومات عن وعد من البرهان تشكيل الحكومة لكنه ربط الخطوة باستعادة مدني وولاية الجزيرة باعتبار أن ذلك يساعد في دفع الحكومة لتبدأ من أفضل وضع ممكن.

الآن ربما تكون هي الترتيبات الأخيرة لاعلان الحكومة ومهما تأخرت فهي خطوة مهمة ظللت أكتب واتحدث عنها منذ بداية الحرب، فالسودان دولة كبيرة مترامية الأطراف ومهما كانت خارطة المعارك فإن الجسم الأعظم لا يزال خارجها، من حيث الجغرافيا والأكثر من حيث السكان، ووجود حكومة مدنية تنفيذية يساعد كثير في تخفيف الأوضاع التي يعاني منها النازحون الى الولايات بعيدا عن ألسنة نيران الحرب.

كما أن وجود حكومة هو الوضع الطبيعي الذي يساعد السودان في التواصل مع المجتمع الدولي و تعزيز السياسة الخارجية بما يخدم مصالح البلاد، فواحد من أهم أسباب العزلة الدولية حول السودان كونه يعاني من غياب الهياكل في مختلف المستويات، فمجلس السيادة ناقص، و من أصل 14 عضوا لا يعمل الآن في مواقعهم إلا خمسة ، أربعة منهم عسكريون.
بينما مجلس الوزراء غائب بالكامل، ويديره الآن موظف مهما كانت خبرته لكنه محاصر بالتوصيف الوظيفي “مكلف” الذي يجعله مجرد شاغل للوظيفة محافظ على شغورها.

والوزراء أيضا مكلفون، وبعضهم غائب منذ أن اندلعت الحرب لا يعرف أحد أين هم، ومجلس الوزراء لا يمارس نشاطه الجمعي بعقد اجتماعات لاصدار القرارات المهمة.
غياب الحكومة ظل علامة استفهام كبرى، لصالح من؟

عندما أعلن مالك عقار العزم لتكوين حكومة ثارت ضجة كبرى بدأت برد فعل قوي من قائد الدعم السريع بث خطابا هدد فيه بتكوين حكومة أخرى في الخرطوم، وعلى الايقاع ذاته ودفعة واحدة صدرت بيانات من قادة الحرية والتغيير المجلس المركزي بالعبارات ذاتها التي وردت في خطاب حميدتي والتهديد نفسه باعلان حكومة ضرار.

هذا يعني عمليا ان واحدا من اهم الأطراف المستفيدة من غياب الحكومة هم الأطراف السياسية الداعمة للدعم السريع.

ولكن المفاجاة كانت أن أطرافا سياسية داخلية مناصرة للجيش أيضا لها التحفظ ذاته فهي لا ترغب في رؤية حكومة قبل أن تضمن مقاعدها فيها..

وأصبح الشكل النهائي أن لا أحد يرغب في تشكيل الحكومة لتعارض مصالحه مع الخطوة رغم أن الشعب السوداني في أمس الحاجة لهذه الحكومة لرعاية مصالحه المهدرة.

الآن و قد اقترب اعلان الحكومة يطفر سؤال مهم، هل هي مجرد وجه مستعار آخر لمنح الاحساس بنكهة حكومة؟ ام حكومة مدينة تنفيذية كاملة المهام والتفويض لتمارس عملها داخليا وخارجيا ممثلة للدول والشعب السوداني؟
الاجابة ستظهر من أول اسم يعلن في صدر الحكومة، رئيس الوزراء.

مقالات ذات صلة