خارج الصندوق.. م. سامي عبدالوهاب حاج الامين يكتب : (فهم الغرب)

لم أجد بدا من التعقيب على المقال المهم الذي كتبه الاخ المهندس محمد حمدنالله حول الغرب والذي مثل حجرا مسطحا مضى على عدة نقاط في بركتنا الراكدة ففتح نقاشات مختلفة ومهمة لعدة دوائر ، والمنجز الأهم الذي قدمه المقال انه حدد مستويات للنقاش ما سيخدم كثيرا قضية البحث في الموضوع سيما بعد تعقيب د المجذوب على المقال من زاوية مختلفة تماما للتي سانطلق منها والتي اتوقع انها ستوصلنا لنتائج مهمة في ذات الموضوع .
منذ البداية وبمجرد الحديث عن الغرب ارفع علما مهما اظنه حجر الزاوية للوصول لأي خلاصات مفيدة وهو (فهم الغرب) والذي اخترته عنوانا لمقالي هذا والذي سأعمل على تطويره لورقة ستكون ان شاء الله مهمة جدا في المستقبل القريب .
وضرورة فهم الغرب لحوجة بفعل الغرب نفسه اذ ان الغرب أنفق سنينا طويلة ومواردا كبيرة في مواجهة الشرق منطلقا من فرضية انه كتلة واحدة فكانت سنين وموارد مهدرة حتى تعلم الغرب من فشله وبدا تغيير طريقته محاولا فهم الشرق من البداية فاكتشف ان الجغرافيا لا تعد عاملا تصنيفيا إذ ان مراكش راس سهم الشرق اكثر غربا في الجغرافيا من مدن غارقة في الحضارة الغربية وبرز الاستشراق كضرورة للمضي قدما في فهم الشرق بل ان الحملة الكبيرة التي قام بها نابليون لغزو مصر كانت بعد قراءته كتاب جيمس بيكي موسوعة مصر القديمة بل انه يكاد يكون السبب الرئيسي لغزو نابليون لمصر ، واصطحب معه في حملته عشرات علماء التاريخ والجغرافيا والاجتماع والتي مثلت ركنا ركينا في مشروع الاستشراق .
حتى لا نضيع وقتا لا ندركه ومواردا لا نملكها كالتي اضاعها الغرب علينا فهمه اولا ومن ثم التعاطي معه ، واول دواعي ذلك الفهم انه ليس واحدا كما نظن بل ان هناك عدة مشاريع في الغرب تتجاور وتتناحر بحسب ميكانيزماتها الخاصة بها وتتفق وتختلف وتتناصر (وتتناحر) بحسب معطياتها وتفاعل مجتمعاتها والتي وفقها تكون السياسة والاقتصاد وفي هذه النقطة لا يفوتنا ان الغرب ولوقت قصير كان يرى القاعدة والوهابية والاخوان وداعش والصوفية شيئا وحدا من حيث الماهية ولك ان تتصور اي اخطاء استراتيجية تنتج عن هذا الفهم الخاطئ وقع فيها الغرب.
وعلى نسق التصنيف من وحي مقال حمدنالله احاول لفت الانتباه لشرح جديد للغرب ممكن ومطلوب .

النظر بعمق للغرب يكشف النقاب ثلاثة مستويات من النخب وهي نخبة مهيمنة تمثل عوائل المال والثروة في الغرب ونخبة قائدة وتمثل الساسة والحزبيين والمنظمات والهيئات واعضاء المجالس والبرلمانات والحكومات والأندية وغيرها ونخبة مثقفة وتشمل المفكرين والفلاسفة والمثقفين ورواد المجتمع من علماء
واكاديميين وغيرهم وكل نخبة من تلك النخب تؤثر وتتاثر مع مجتمعها ومع غيرها من النخب بحسب الظروف والتفاعلات التي تحكم واقعها.
وفي هذه المستويات يمكن ان نفهم المجتمع وتأثيره واتجاهات الراي فيه الناتجة من تفاعلات النخب الثلاثة انفة الذكر.
وهنا لا بد من فذلكة تاريخوسياسية لنموذج غربي رائد وهو النموذج الامريكي .
امريكا تقع تحت تأثير تجاذب تيارين كبيرين هما الليبراليون واليمينيون ولا يمكن شرح ذلك التجاذب الا من خلال أدوات من داخل الإطار وهنا يبرز التوصيف الحقبي للأنظمة الحزبية في أمريكا والتي اعتبرها الفلاسفة الامريكيين ستة أنظمة حزبية ساتناول النظامين الحزبيين الأخيرين وهما النظام الحزبي الخامس والنظام الحزبي السادس باعتبارهما نتاج حقيقي للكساد الكبير الذي حدث في أمريكا واعتباره منصة لفهم وشرح التفاعلات الاجتماعية والسياسية التي حدثت ما بعد حقبة الكساد الكبير والأنظمة الحزبية والأدوات السياسية والروافع الاجتماعية التي انتجتها حقبة ما بعد الكساد الكبير والتي تشرح علائق مهمة بين الليبرالية كمفهوم والديمقراطية الغربية كنظام سياسي والعلمانية كايدلوجيا والراسمالية كمفهوم اقتصادي واليمين كقوى اجتماعية فاعلة ومواطن التقارب والتباعد والتناحر محاولين فهم الغرب .
ونواصل..
م.سامي عبدالوهاب حاج الامين

مقالات ذات صلة