تحبير … د.خالد أحمد الحاج … قراءة أولى في دفتر الحكم الإقليمي

تحبير
د.خالد أحمد الحاج
قراءة أولى في دفتر الحكم الإقليمي

* الحكم الإقليمي تجربة ليست بالجديدة على بلادنا، فقد تم تطبيقها ما بعد الاستقلال، وقت أن كانت البلاد عبارة عن تسعة أقاليم. وحققت التجربة وقتها العديد من المكاسب على مستوى التمثيل والمشاركة في السلطة.

* وإن كانت فترات الاحتراب التي خلطت حابل الأمور بنابلها، بجانب الأزمات التي كادت أن تعصف باستقرار البلاد في حقب ماضية، والمتغيرات السياسية التي ألقت بظلالها على المشهد السياسي، ما جعل التغيير في نظام الحكم أحد النوافل التي فرضته.

* وتشاء الأقدار أن تعود عقارب الزمن للوراء. ليستعيد السودان بعضاً من ماضيه على مستوى الحكم وتداول السلطة.

* الظروف هذه المرة مختلفة، من واقع أن البلاد تمر بمرحلة مفصلية من حيث تشكلها السياسي، والتغيير الذي ترتجيه بمستويات السلطة.

* ومع تنامي الوعي وارتفاع الأصوات المنادية بترسيخ مبادئ الديمقراطية، وشبه التطابق في وجهات النظر ما بين الغرب والدول النامية المتركز على ضرورة ترسيخ مبادئ الحكم الراشد، واستدامة الديمقراطية، استقر رأي العديد من دول العالم على حتمية الاحتكام للنظام الفيدرالي الإقليمي، الذي أعطى صلاحيات واسعة للأقاليم، بحيث يتمتع الإقليم بجعل مقدر من موارده.

* بيد أن رأس الدولة تقع على عاتقه مهمة مراقبة هذه المنظومة، ليقوم أي قصور يصدر عن الجهاز التنفيذي بالإقليم، وعلى النقيض من هذا النظام، الأنظمة الرئاسية والكونفدرالية التي تكون فيها الأطراف تحت رحمة المركز، وليس معنى هذا ألا جوانب مشرقة بها.

* ومن حسنات الحكم الإقليمي: أن نزعته للوحدة الوطنية، وتقوية اللحمة تدحض دعوات حق تقرير المصير، والحكم الذاتي.

* لكنه بحاجة إلى إسناد شعبي، وشفافية في تداول السلطة، مع ضرورة سن قوانين داعمة لرشاد الحكم، وإسهامه بالقدر الكافي في ترقية العمل الحزبي.

* في النظام الإقليمي السلطات الثلاث مرسوم لكل منها طريق، ومحددة وجهات كل سلطة واختصاصاتها، فيما الرقابة التشريعية على الأجهزة التنفيذية بالإقليم تحول دون وقوع أي شكل من أشكال الفساد، أو التغول على أي من السلطات، إن كان ذلك باستغلال المنصب لمصلحة شخصية، أو بتمرير أجندة تضر بالصالح العام.

* وبما أن إقليم دارفور قد أكمل ترتيبات تنصيب حاكمه السيد مني أركو مناوي، تنفيذاً لبنود اتفاق جوبا، وتأكيدا على عزم الحكومة على تنفيذ ما اتفق عليه، فإن
حاجة إقليم دارفور للسلام لا تعدلها حاجة، ولما للإقليم من خصوصية فهو بحاجة ماسة لترسيخ مبادئ التعايش السلمي، وإعادة بناء ما دمرته الحرب، وإحداث نقلة حقيقية في التنمية. والارتقاء بالخدمات يبعد تماماً شبهة التهميش.

* عليه فإن عملية إعمار إقليم دارفور ستلقي على عاتق السيد أركو مناوي حاكم الإقليم ومسؤولي دارفور المسؤولية في إعادة دارفور لما كانت عليه في السابق البعيد.

* المانحون والمجتمع الدولي وأصدقاء السودان هذه ساعة حوبتهم، إن مدوا لدارفور وبقية المناطق المتأثرة بالحرب يد العون، فإن توازن التنمية، واستقرار الأقاليم، سيدعم كثيراً الوحدة الوطنية، ويعزز واحدية الهم والمصير التي تحصن البلاد من مخاطر التجزئة والشتات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *